محي الدين فضيل – خيوط
يقضي عيسى أحمد (35 عامًا)، طيلة ساعات النهار أمام أحد المحال التجارية في الشارع الرئيس، بمدينة الحوطة، المركز الإداري لمحافظة لحج (جنوب اليمن) في مزاولة مهنته التي اعتاد عليها منذ سنوات، وهي مهنة إصلاح الأحذية وتلميعها.
خيط وإبرة وفرشاة ومادة التلميع “الباليس” ومطرقة صغيرة ومسامير ومقص وبعض قطع الجلد المصنع، هو كل رأس مال عيسى، يضعها أمامه إلى جانب الأحذية المهترئة للإشارة إلى مهنته. يبدأ عيسى يومه بحثًا عن مصروف أسرته اليومي في مهنة منبوذة في المجتمع، باتت تمثل طوق نجاة للعديد من المهمشين الذين يفترشون أرصفة الشارع الرئيسي بحثًا عن لقمة العيش الكريمة.
يقول عيسى لـ”خيوط”: “إنّ المردود من هذه المهنة يختلف من يومٍ إلى آخر وليست كل الأيام تعطي مردودًا جيدًا، فأحيانًا أكسب خمسة آلاف ريال في اليوم، وأحيانًا أقل، وأحيانًا أكثر، وأحيانًا أعود خالي الوفاض، لكن هذا هو الأفضل بالنسبة لي بدلًا من التسول”.
يقول ناصر إنها مهنة شاقة ولا فائدة من الاشتغال بها في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار مع تفاوت مستوى العمل من يوم لآخر، إذ يظل في بعض الأحيان نحو سبعة أيام دون أي دخل، وفي أحيان أخرى تمر الأيام ولا يستطيع توفير مصروفه اليومي أثناء عمله وانتقاله.
اكتسب عيسى المهنة من والده، الذي قال إنه علّمه هذه المهنة من أجل الاعتماد على ذاته بدلًا من الاعتماد على الغير، مضيفًا أنّ تعامل المجتمع يختلف من شخص إلى آخر مع عمال هذه الفئة، فالبعض يتعامل بطيبة معهم، والبعض الآخر ينظر إليهم بازدراء، ويحاول التقليل من كدهم الشريف.
ويوضح أنهم يواجهون مصاعب عدة في هذه المهنة، من حيث شحة المردود الذي يجدونه، والذي لا يفي أحيانًا بمتطلبات أسرهم اليومية، بالإضافة إلى أشعة الشمس الحارقة والأتربة والرياح والغلاء الذي قضى على الكثير من حصيلة شغلهم اليومي، ويزداد الأمر صعوبة عند الذين يتعاطون القات.
مهنة قاسية
بعض العاملين في هذه المهنة، لا يستقرون في مكان واحد، ويفضلون التنقل بين الحواري والأحياء وبيدهم آلات تنبيه (أجراس) لإشعار السكان الذين يرغبون بإصلاح أحذيتهم أو حقائبهم.
يغادر ناصر علي منزله حاملًا حقيبته وبداخلها أدوات العمل منتقلًا بين القرى في مناطق لحج، بحثًا عن الأحذية المتهالكة من أجل إصلاحها وتنظيفها. يقول ناصر لـ”خيوط”، إنّ الحركة تأتي له بمردود أفضل من البقاء في الشارع من الصباح وحتى المساء، وفي الغالب يكون المردود المالي في التنقل أفضل رغم المشاق.
لكن ناصر يقول إن المهنة التي يزاولها شاقة ولا فائدة من الاشتغال بها في ظل الغلاء وارتفاع الأسعار مع تفاوت مستوى العمل من يوم لآخر، حيث يبقى في بعض الأحيان نحو سبعة أيام دون أي دخل، وفي أحيان أخرى تمر الأيام ولا يستطيع توفير مصروفه اليومي أثناء عمله وتنقلاته.
وبخلاف قيام بعضهم بالتسول، تعد مهنة العتالة (الحمالة) في الأسواق، والخرازين (الإسكافية)، وأعمال النظافة من أبرز المهن التي يتشبث بها المهمشون في لحج، من أجل توفير لقمة العيش، في وقت يعاني فيه أبناء هذه الفئة من التنمر والتمييز من مزاولتهم هذه الأعمال بمردوداتها الشحيحة.