أثارت جائحة كوفيد_19 اهتمام العالم، مما أسفر عن تركيز الجهود نحو صناعة لقاح ضد المرض، الأمر الذي أدّى إلى تطوّر المحاولات، والأحاديث المستمرة عن أمان اللقاح. تفاوتت الآراء، فبعض الناس يرى فائدة محدودة في أخذ التطعيم، وآخرون يرون أن اللقاحات مهمة جدا للحد من انتشار العدوى وسط المجتمع، ومن الضروري التواصل الواضح لدعم الناس في اختيارهم لأخذ اللقاح.

يقول الصحفي المهتم بالشؤون الصحية والاجتماعية جميل المصعدي: “تفاجأ العالم بأسره بفيروس كوفيد_19، وأثار الدهشة والخوف لدى الجماهير بمختلف الفئات الاجتماعية في مختلف أنحاء العالم، فبدأ الناس يفكرون كيف سيواجه هذا الفيروس، وحين قامت الدول الكبرى والشركات الكبرى بإجراء تجارب لقاح ضد الفيروس، شعر البعض بالاطمئنان وترقبوا الحل”.

لا بد من لقاح للجائحة

اتجهت الدول الكبرى ومنظمة الصحة العالمية نحو صناعة اللقاح وإجراء التجارب الطبية التي تمخضت عن لقاحي جونسون واسترازيكا، لتقوم بتصدير اللقاح وتوزيعه. يؤكد البيان المشترك الصادر عن الائتلاف الدولي لسلطات تنظيم الأدوية ومنظمة الصحة العالمية خلال مايو من عام ٢٠٢٠ أن تصنيع أي لقاح يجب أن يحصل على إذن تنظيمي ضد كوفيد_19 وفقا للمعايير التنظيمية الصارمة المقبولة دولياً للممارسات الصناعية.

وتتولّى السلطات التنظيمية مراجعة البيانات للتأكد من أن عملية التصنيع في كل مواقع الإنتاج تخضع لرقابة جيدة ومتسقة، يشمل ذلك بيانات عن تركيبة اللقاح ونقائه وقوّته فضلاً عن بيانات عن كل خطوة من خطوات التصنيع والضوابط المستخدمة لضمان أن تكون كل دفعة من اللقاحات باستمرار على درجة رفيعة من الجودة.

يوجب البيان أيضا توفير بيانات عن ثبات اللقاح قبل الموافقة عليه. أما بعد الموافقة، فتخضع اللقاحات أيضا لتقييم من الجانب الفردي للسلطات التنظيمية الوطنية لضمان استيفائها الاشتراطات الوطنية قبل أن يتسنّى تورديها.

جهود مستمرة

يرجع سرعة تطوير اللقاحات لعدة أسباب، وأهمها الاستثمار المالي من الحكومات والصناعة في تطوير اللقاحات وإعادة توجيه كثير من البحوث العالمية والبنية التحتية التجارية لتطوير اللقاحات وتصنيعها، بالإضافة إلى التكنولوجيا الجديدة المتكيّفة مع تطور لقاحات أخرى، فقد طُوّرت لقاحات كورونا المرسل ضد كوفيد_19 بسرعة كبيرة بعد تحديد متوالية فيروس كوفيد_19.

يقول الطبيب راكان العزعزي: “إن نجاحات التجارب التي أُجريت على اللقاحات السريرية كانت فعّالة، وأدّت إلى سرعة صناعة اللقاحات وإيصالها للمستهلك في وقت قصير، وهذا لم يكن متوقّعا، وكذلك حقّق التعاون الوثيق بين الحكومات والشركات المصنعة والخبراء الباحثين نتائج مبكرة”.

وقد تسنى تجنيد أعداد غفيرة من المتطوّعين بسرعة لإجراء التجارب بحسب ما جاء في بيان الائتلاف الدولي ومنظمة الصحة العالمية ومع وجود معدلات عالية للأسف من العدوى في بلدان عديدة.

أنجزت التجارب من10  ألف إلى50  ألف شخص في غضون فترة زمنية قصيرة. وفي الأحوال العادية قد يستغرق الأمر عدة أشهر أو بضع سنوات لإجراء تجارب بهذا الحجم لتحديد ما إذا كان اللقاح فعالاً.

يقع على العاملين في الرعاية الصحية وسلطات الصحة العامة دورٌ محوري في مناقشة التطعيم مع مرضاهم ضد فيروس كوفيد_19 وفي نشر الوعي بين المجتمعات بأن اللقاحات تؤدّي دورا حاسماً في منع الوفيات ودخول المستشفيات بسبب الأمراض المعدية.

وتشير البيانات الناشئة المتصلة بالفعالية إلى أن لقاحات كوفيد_19 المرخص لها ستُسهم في السيطرة على انتشار المرض، وإلى أن يتحقّق التطعيم على نطاق واسع، يتعيّن على كل من الأشخاص الذين أخذو التطعيم والذين لم يأخذوه أن يكونوا على دراية بالسلوكيات الوقائية الإضافية اللازمة لمكافحة الجائحة على المستوي المحلي. وتوضح منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف” أن اللقاحات تساعد جهاز مناعة الطفل على مكافحة الالتهابات بفاعلية أكبر، ولذلك من المهم تحصين الأطفال لحمايتهم من الأمراض الفتاكة.

تحديات محلية

يقول الصحفي جميل المصعدي، مدقق معلومات من تعز: “اطمأن الناس عند ظهور اللقاحات وإجراء التجارب العلمية، وقيام الشركات المصنعة في الدول الكبري بتوزيعه، لكن للأسف الشديد في اليمن كانت جرعات اللقاح باهظة الثمن في البداية بسبب الصراع والفساد المالي والإداري لدى الجهات الصحية، الأمر الذي جعله يُباع في السوق السوداء بمبالغ خيالية يعجز عنها المواطن البسيط والفئات الأشدّ فقرا في المجتمع”. ويضيف: “لذا لم يتمكن كثيرون من الحصول على جرعات التلقيح، وبعد مرور فترة زمنية من الوقت، وُزِّع مجانا، لكن بعد أن غض معظم المواطنين طرفهم عن اللقاحات بسبب تدني الوعي الصحي”.

ويتضمن البيان الصادر عن الائتلاف الدولي ومنظمة الصحة العالمية أن السلطات التنظيمية تستطيع، بالتعاون مع وزارة الصحة العامة في كثير من الأحيان، اتخاذ إجراءات حاسمة إذا حُدّدت مسألة ما تتعلق بالأمان، ويمكن أن تشمل هذه الإجراءات إصدار رسائل تتعلق بالأمان موجهة للمرضى والعاملين في مجال الرعاية الصحية والمجتمع المحلي، وتحديث المعلومات عن المنتجات أو المعلومات المقدمة إلى المستهلك فيما يتصل باللقاح، ومنع توزيع دفعة معينة من اللقاح، واتخاذ إجراءات تنظيمية أخرى مثل الترخيص باللقاح على مجموعة فرعية معينة من المجتمع المحلي أو إلغاء الترخيص.

آمنة وفعّالة

يؤكد رئيس إدارة التحصين وسلسة التبريد في البرنامج الوطني للتحصين الموسّع في صنعاء طه العقاري أن الممارسات الخاصة بتخزين اللقاحات تتوافق مع المعايير الدولية بدءًا من لحظة تصنيعها ووصولا إلى المستودعات المركزية في صنعاء، ويوضّح أن اللقاحات نُقلت بواسطة شاحنات مبردة إلى مستودعات التخزين بالمحافظات، وذلك لضمان فاعليتها وأمانها قبل إيصالها للمواطن.

وقد شدّد البيان الصادر عن الائتلاف الدولي لسلطات تنظيم الأدوية ومنظمة الصحة العالمية على أن تشكيل بنيات الأمان جزء أساسي من كل طلب يُقدم إلى السلطات التنظيمية بشأن أخذ لقاحات كوفيد_19.

يوضح البيان نفسه أنه يجري جمع لقاحات كوفيد_19 أثناء مراحل عملية تطوير اللقاح، ويجري تقييم دقيق لأمانه في التجارب السريرية، ويُقدم إلى السلطات التنظيمية لاستعراضه بوصفه جزءا من عملية الموافقة، ويتعين فحص جميع الأحداث الضارة والإبلاغ عنها في الطلب المقدم إلى السلطات التنظيمية من الشركات للحصول على ترخيص التسويق.