كانت أمراض الطفولة المعدية تفتكُ بملايين الأطفال سنويا على مستوى العالم، وكان كثير منهم يتوفّى قبل عامهم الخامس، ومنذ اكتشاف اللقاحات، قبل أكثر من مئة عام وبداية استخدامها في بداية ستينيات القرن الماضي، قُضي على كثير من الأمراض، وخير مثال على ذلك استئصال مرض الجدري من العالم عام 1980م.
يُعدّ التحصين أحد أهم التدخلات الصحية الوقائية وأكثرها فعالية وأقلها تكلفة. ومما يدلّ على أهمية التحصين أن عدد حالات شلل الأطفال كانت تصل إلى 750,000 حالة سنويا في العالم، وقد انخفضت في السنوات الأخيرة إلى بضع مئات من هذه الحالات، وكانت الحصبة تصيب نحو 30 مليون حالة في العالم، وتتسبّب في وفاة مليون طفل، وقد انخفضت الحالات المسجلة عام 2013م إلى 250,0000 حالة، وانخفضت الوفيات إلى أقل من 200,000 وفاة.
يُحقّق التحصين هدفين أساسيين هما:
1- تخفيض نسبة المراضة.
2- تخفيض نسبة الوفيات عند الأطفال.
وبناء على ذلك تُولي وزارة الصحة العامة والسكان برنامجَ “التحصين الموسّع” اهتماما خاصا، وتضعه في أعلى سلّم أولوياتها، وذلك بغرض الوصول إلى تطعيم جميع الأطفال أينما كانوا، وبالتالي تخفيض المراضة والوفيات عند الأطفال.
كانت الحصبة تشكل 12٪ من وفيات الأطفال دون سن الخامسة، أي ما يعادل 5000 حالة وفاة سنويا بسبب مرض الحصبة، وذلك بحسب مسح صحة الأسرة في عام 2003م، وكان مرض شلل الأطفال يتفشّى بشكل وبائي في جميع أرجاء اليمن، وتُعدّ اليمن خالية من الشلل منذ عام 2006م، وتقدِّر منظمة الصحة العالمية أن نسبة الوفيات الناتجة عن أمراض الطفولة التي يُطعّم ضدها نحو 23٪ من إجمالي وفيات الأطفال في اليمن. وتُعدّ الإسهالات السبب الثاني في الوفيات عند الأطفال دون الخامسة؛ إذ تشكّل نحو 16٪ من إجمالي وفيات الأطفال دون الخامسة، كانت الإسهالات الناتجة عن فيروس الروتا نحو 46٪ من إجمالي الإسهالات، وقد لوحظ انخفاض كبير في هذه الحالات بعد إدخال اللقاحات عام 2012م.
ولا شك أن الالتزام السياسي له أكبر الأثر في تحقيق أهداف الرعاية الصحية الأولية وعلى رأسها التحصين، وقد تجلّى ذلك بإدخال جميع اللقاحات الجديدة المتوفرة وتقديمها بشكل مجاني، وبتوفير آليات التعليم المستمرّ والتأهيل المتواصل بما يحقّق المصلحة العامة للمجتمع وأفراده لتحقيق الأهداف النبيلة المرتبطة بحماية الطفولة وتنميتها. ولا شك أن التكامل البرامجي بين التحصين والبرامج الأخرى للرعاية الصحية الأولية سيؤدي إلى رفع الكفاءة في إدارة الموارد المتوفرة بما يحقق الأهداف، وعلى هذا الدرب سنمضي.
المردود الاقتصادي للقاحات
إن جميع الأمراض التي يُطعّم ضدها هي أمراض خطيرة، وتسبّب في معظمها الوفاة عند الأطفال أو العجز (الإعاقة) أو مضاعفات أخرى خطيرة، ويُعدّ استئصال الجدري من أقوى الأدلة على المردود الاقتصادي للقاحات؛ إذ أُنفق نحو200 مليون دولار من أجل استئصال هذا المرض، وقد تحقّق ذلك عام1980م، وأصبح الوفر الناتج عن توقّف التطعيم ضد الجدري حوالي 1 مليار دولار سنويا.
ويُعدّ التحصين من أهم عشرة حلول ذات أعلى جدوى اقتصادية في مواجهة التحديات العالمية (اجتماع كوبنهاجن 2008م)، وأظهرت بعض الدراسات في بعض الدول أن إنفاق دولار واحد على برنامج التحصين يحقّق وفرا اقتصاديا يبلغ نحو 30 دولارا.
أهداف برنامج التحصين
1- خفض معدلي المراضة والوفاة الناجمتين عن أمراض الطفولة القابلة للتحصين بتحقيق تغطية بالتحصين لا تقل عن 90% على مستوى الوطن و80% على الأقل في جميع المديريات.
2- المحافظة على خلو اليمن من شلل الأطفال والمساهمة في استئصال مرض شلل الأطفال بحلول عام 2017م.
3- القضاء على مرض الحصبة بحلول عام 2015م.
4- القضاء على مرض الكزاز بحلول عام 2016م.
استراتيجيات البرنامج الوطني للتحصين الموسع
مبادئ أساسية:
o يُعدّ التحصين حقّا من حقوق الطفل (اتفاقية حقوق الطفل).
o تُقدّم خدمات التحصين للأطفال والنساء مجانا.
o تُقدّم خدمات التحصين في جميع المرافق الصحية الحكومية.
o تُقدّم خدمات التحصين في المرافق الصحية الخاصة مجانا، وذلك بالتنسيق مع مكاتب الصحة في المديريات والمحافظات.
o ضمان وصول اللقاح إلى جميع الأطفال عن طريق تقديم الخدمات في المرافق الثابتة أو بالأنشطة الإيصالية في المناطق البعيدة.
o رفع مستوى الوعي في المجتمع بأهمية التحصين لزيادة الطلب على اللقاح.
o مشاركة المجتمع في عمليات التخطيط والتنفيذ والتقييم والتوعية وتأمين الموارد لتنفيذ الأنشطة المختلفة.
o إعداد خطة سنوية تشمل جميع مكونات التحصين على جميع المستويات، بما فيها المرافق الصحية.
التكامل مع تقديم الخدمات، وذلك بالتنسيق والتعاون مع مختلف الأقسام لتحقيق الآتي:
• استغلال الموارد بالشكل الأمثل.
• زيادة الطلب على الخدمات الصحية.
اللقاحات:
هي مواد بيولوجية تحتوي على المُسبّبات المرضية الموهنة (المضعّفة) أو المقتولة أو سمومها المعالجة في المختبر، وإذا أُعطيت للجسم، فلا تسبب المرض ولكن تُكسب الجسمَ مناعة.
أصبحت اللقاحات علما من علوم الطب والصحة، وتطوّرت صناعاتها، لتكون واحدة من أهم خطوط الدفاع الرئيسية لحماية الإنسان منذ لحظة ولادته، بل حتى قبل ولادته من عدد من الأمراض وبفعالية كبيرة وتكلفة بسيطة، وقد فاقت أعداد اللقاحات المتوفرة في العالم العشرات، منها ما يؤخذ فمويا، ومنها ما يؤخذ بالحقن، منها ما يُعطى جرعةً واحدة، ومنها ما يعطى على عدة جرعات.
وأصبحت اللقاحات تُصنع بعدة أشكال، منها مفردة تحتوي فقط على لقاح واحد، مثل: لقاحات الشلل، المكورات الرئوية، الروتا، السل والكزاز، أو مركّبة تحتوي على عدة لقاحات في عبوة واحدة، مثل: لقاحات الثنائي، الثلاثي، الرباعي، الخماسي والسداسي، والأبحاث جارية لدمج أكبر عدد من اللقاحات ولإعطائها في جرعة واحدة.
أهمية اللقاحات:
• إذا فُقدت بطاقة التحصين للطفل، فإن ذلك لا يمنع أبدا من استكمال اللقاحات بعد التحري عن الجرعات السابقة وتاريخ آخر جرعة ومنحه بطاقة جديدة.
• ينبغي تقديم النصائح والإرشادات التي تمكّن الآباء والأمهات من اتباع سلوك يضمن تحصين أطفالهم بحسب مواعيد جدول التحصين مع التنبيه على أهمية الاحتفاظ ببطاقة التحصين وإحضارها في كل زيارة للمرفق الصحي.
• يجب تجنّب أي تأخير في استكمال جدول التحصين؛ إذ إنه يعرّض الأطفال وبقية أفراد المجتمع لخطورة المراضة والوفيات بسبب هذه الأمراض التي تُعطى اللقاحات من أجل منعها والسيطرة عليها.
الآثار الجانبية للقاحات:
هي مضاعفات طبيعية قد تظهر إلى حد ما بعد إعطاء اللقاح، ويعتقد الجميع أن التطعيم هو سببها، وهي نادرة جدا.
آليات التغطية باللقاحات:
o متابعة المتخلّفين.
o الحدّ من الفرص الضائعة.
o التحديد السليم لجلسات التطعيم.
o التخطيط الفعال.
أسباب حدوث الفرص الضائعة:
١- عدم سؤال العاملين الصحيين عن الحالة التطعيمية لكل طفل / امرأة.
٢- نفاد اللقاح أو أي من مستلزمات التحصين.
٣- عدم تنفيذ جلسة التطعيم.
٤- سوء تنظيم جلسة التطعيم، مما ينفر الأهل من الحصول على الخدمة.
مقال يعبر عن رأي الكاتب.