” لقب المهندس، حلما كان يراودني منذ الصغر ،كافحت كي احصل عليه رغم قيود التمييز المجتمعي التي كانت تحاصرني” هذا ما قاله أحمد رمضان لذمار أونلاين. واضاف :” للاسف منذ تخرجي إلى اليوم لم احصل على فرصة عمل تناسب تخصصي غير عامل نظافة”.
في مجتمع ينظر لذوي البشرة السمراء نظرة تمييزية دونية، لا مكان للشهادات والمؤهلات العلمية، ولازال الكثير يحصر عملهم في الأعمال الدونية كالنظافة وغيرها.
احمد محمد عبدالله محمد رمضان ولد في قرية عبال مديرية الحجيله محافظة الحديده في العام 1982 متزوج وله ثلاثة اولاد واربعة بنات عاش طفولته في محافظة ذمار وكبر فيها. تلقى تعليمه الاساسي في مدرسة خالد بن الوليد في حي المدينة السكنية من الصف الأول إلى الصف التاسع.
و في مدرسة عثمان بن عفان درس اول وثاني ثانوي وفي العام ٢٠٠٣ حصل على الشهادة الثانوية من مدرسة مجمع السعيد التربوي، وفي العام ٢٠٠٤ التحق احمد رمضان بجامعة ذمار بكلية الزراعه والطب البيطري قسم تكنولوجيا اغذيه وتقانة حيوية و تخرج منها عام 2008م.
يقول احمد رمضان :” احببت هذا المجال وهذا القسم لأهميته ومستقبله ورغم كل الظروف المحيطة واصلت بجد حتى تخرجت”. عمل الى جانب دراسته عامل نظافه في العديد من الأماكن في القطاع الخاص وبعد تخرجه من الجامعة لم يجد إلا هذا القطاع ليستوعبه ويعمل به.
مؤخرا يعمل في صندوق النظافه والتحسين بمدينة ذمار مختص اداري في إدارة الايرادات . عمل غير ثابت وغير مستقر وانما يخضع للعديد من التقلبات التي تهدد استقراره الأسري.
أعراف جائرة:
لازالت الأعراف الاجتماعية المجحفة تنسج التمييز والعنصرية في المجتمع،تورث الظلم وتقهر الأبرياء
فرغم حصول احمد رمضان على شهادة البكالوريوس في الصناعات الغذائية من كلية الزراعة جامعة ذمار ،لم يستطع الحصول على عمل يناسب مؤهله العلمي.
التشريع السماوي ودستور الجمهورية اليمنية أكد على المساوة بين الناس في الحقوق والواجبات ولكن الواقع المعاش مختلف تماما بسبب الأعراف الاجتماعية المتأصلة والمتوارثة في اليمن منذ مئات السنين والتي تنظر لذوي البشرة السمراء نظرة قاصرة. وبهذا الشأن يقول المهندس حسن عياش نائب رئيس منظمة احفاد بلال :يعاني مجتمع المهمشين من تغييب العدالة الاجتماعية في جميع المجالات واهمها التعليم الصحة والوظائف العامة. ويرى ان الجميع ظلم هذه الشريحة.
تحديات وصعوبات:
عاش المهندس احمد رمضان بعيدا عن أهله ..عن والديه ليتمكن من مواصلة تعليمه. يقول بهذا الخصوص :” لم يكن يوجد مدرسة في قريتي في الحديدة، أقرب مدرسة تبعد مسافة ساعتين عن القرية لذلك تركت والداي في الحديدة ورحلت للسكن عند اخي الأكبر في محافظة ذمار الذي شجعني على مواصلة تعليمي. ويصف احمد رمضان معانأة الدراسة بقوله :” كنت اعمل كعامل نظافه خلال الاجازات المدرسية الصيفية بدلا عن اخي عندما هاجر الى السعودية بحثا عن فرصة عمل لتغطية مصاريف الدراسة وحتى احصل على مصاريف تمكني من الحياة .
ويضيف :” ازدادت معاناتي بعد زواجي حيث كنت وقتها في الصف الثاني ثانوي الذي تحملت فيها أعباء الأسرة إلى جانب الدراسة “. قال أحمد رمضان واصفا تجربته العلمية :” سعادتي لم تكن لتوصف بتخرجي من الجامعة وجميع الأهل والأصدقاء فرحوا بذلك، و أصبح العديد من أولياء امور الطلاب يقولوا لهم كونو مثل احمد رمضان وكان يعتبروني قدوة ودافع لأبنائهم ليكملوا تعليمهم.
ويكمل احمد رمضان كلامه بغصة وحزن :” لكن للأسف ذلك الحماس من قبل الأهالي تلاشى اول ما دخلت مكتب النظافة و التحسين حيث اعتبروا ذلك مصير كل من يتعلم من مجتمعنا لأنه لايوجد من يساندنا للوصول إلى حياة افضل، لذلك تلاشت واختفت تلك القدوة التي كان ينظر إليها المجتمع.
امنيات وطموح:
رغم مرارة الواقع والتحديات الاجتماعية التي يعيشها احمد رمضان إلى أنه يمتلك روحا طموحة ترسم امنيات مستقبلية
له ولأبنائه. يقول احمد رمضان :”اتمنى الحصول على وظيفة أو فرصة عمل تتناسب مع مؤهلي الجامعي الذي نحت في الصخر انا وأسرتي كي احصل عليه. ولم يقتصر طموح احمد رمضان عند حدود البكالوريوس الذي لم تكتمل فرحته به فلا زالت الأمنيات تمتد أمامه رغم مرارة الواقع . حيث قال :” احلم باستكمال الدراسات العليا واحصل على الماجستير والدكتوراه أن شاء الله، ولن اكتفي بلقب مهندس زراعي فحلم الدكتوراة يراودني”
ويطمح احمد رمضان أن يحظى أبنائه بمستقبل أفضل ويكملوا تعليمهم وياخذوا حقوقهم كاملة دون تمييز أو تهميش.
حدى المواد المتقدمة لمسابقة “صوت المهمشين” – منصة ذمار أونلاين