مقال لـ : محمد الحربي : المهمشين بين التمييز والتجاهل الأممي
*مؤتمر الحوار الوطني ونسب التمثيل*
مؤتمر الحوار الوطني الشامل، مؤتمر جرى التحضير والإعداد له مراحل طويلة، وتعرقل لأكثر من مرة، وبدأت المرحلة الأخيرة بعد ثورة الشباب اليمنية بدعم خارجي غير مسبوق، والذي كانت أول جلساته في 18 مارس من العام 2013، بالعاصمة اليمنية صنعاء، واستمر لمدة عشرة أشهر حتى 25 يناير 2014، في سعي طموح لمداواة جروح مابعد الإنتفاضة الشبابية التي استمرت لمدة عام، وأنعقد هذا المؤتمر تحت شعار “بالحوار نصنع المستقبل”، برئاسة عبد ربه منصور هادي، رئيس الدولة. وضم المؤتمر 565 عضواً 50% منهم من مواطني المحافظات الجنوبية و 30% من الجانب النسائي و 20% من الشباب. وقد جرى اختيارهم وترشيحهم من جميع الأطراف السياسية والفاعلة ومنظمات المجتمع المدني بنسب معينة. وتم استثناء شريحة الأقليات ( السود ) التي تمثل 12% من سكان اليمن، وكان شبابها جزء من ثورة الشباب آنذاك.
*التمييز العنصري في التمثيل*
في الوقت الذي كان يعتبره المهمشون في اليمن فرصة تحقيق الحلم، لتقديم رؤيتهم وخلق واقع أفضل لفئتهم. حيث ولم يحصلوا غير مقعدٍ واحداً فقط يمثل ثلاثة ملايين ونصف على مستوى الجمهورية. بعد أن هجم زعيمهم نعمان الحذيفي قاعة الحوار مرتدياً ملابس عامل النظافة حامل المكنس بيده، الذي يعتبره السلطة والمجتمع الوظيفة الرسمية للمهمشين.
و قدم المهمشون رؤيتهم الموحدة وتوصياتهم لمؤتمر الحوار الوطني الشامل من أجل تحسين أوضاعهم المجتمعية بإشراكهم في الهيئات الوطنية المختلفة و اللجان المختصة بتنفيذ المبادرة الخليجية، موضحاً استبعادهم من كافة الهيئات والمؤسسات منذ قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وحتى اليوم . مشيراً أن كان له أثراً بالغاً في استمرار أوضاعهم على ما هي عليه، وعدم وصول صوتهم إلى متخذي القرار. وذلك الإستبعاد الذي أنعكس بشكل سلبي على الأداء العام لكل مؤسسات الدولة التي ظلت تعمل لكل اليمنيين باستثناء فئة المهمشين وذلك من خلال قوانين لا تساعد على تحقيق الدمج الإجتماعي لهذه الفئة وخطط تنموية لا تراعي الإحتياجات الخاصة لهم بإعتبار أنهم فئة إجتماعية إستثنائية تعاني من موروث إجتماعي متجذر في أعمال ثقافة التمييز العنصري للمجتمع
*رؤية المهمشين في الحوار الوطني*
. وكانت رؤية المهمشين إن من حقهم كباقي أبناء الشعب اليمني أن يستفيدوا من مرحلة الإنتقال السياسي والتحول التأريخي الهام في اليمن، وأن يسعوا بكل عزيمة نحو تدارك ما يسعون إلى تحقيقه لإنتشالهم من واقع العزلة الإجتماعية والسياسية المفروض عليهم منذ 1500 عام.
*أسباب فشل الحوار*
ولكن كل تلك الجهود بائت بالفشل الذريع نتيجة سياسة التجاهل لفئات مهمة كان يفترض إشراكها ومعالجة قضاياها ولا زالت تلك السياسة تمارس وستؤدي بالشفل كما افشلت الحوار الوطني والمبعوثي الأمميين السابقين، وعجزوا عن تحقيق عملية السلام في البلاد، بسبب استبعاد المهمشين من المفاوضات السياسية و الوطنية كاباقي الشرائح من المجتمع مثل النساء والشباب.
*أهمية وجود المهمشين بالمفاوضات*
قضية الأقليات(السود باليمن)، تعد من القضايا المعقدة إلا أن مبعوثي الأمم المتحدة الثلاثة السابقين تعمدوا تجاهل القضية ولم يشركوها أو يشاركوا شبابها في المفاوضات أو تذكر كقضية تمييز سياسي إجتماعي ناتجة عن طابع موروث ثقافي قائم على أساس رفض التنوع والأختلاف والقبول بالآخر. إذ أن اشراكهم يعد حل للقضية وحق من حقوقهم السياسية و الوطنية، وأمراً يهم الشعب ككل، وحينما يتم إشراك الجميع يكون فائدة للوطن والمواطن يعزز العدل والمساواة بين مختلف شرائح المجتمع. كون أي تجاهل لمكون من المكونات دليل على تكريس الظلم والتمييز العنصري، وتنعكس آثاره على الكل.ويبقى السؤال عن دور المبعوث الأممي الرابع لدى اليمن، ما الذي يحمله لشريحة استبعدت وحرمت من حقوقها؟ هل سينهج ما نهج أسلافه أم انه سيأتي بعكس ما نهحج أسلافه. فلا زلنا نأمل ونتمنى أن نكون نصب عينيه، ويأتي بخير ما أتوا به أقرانه.
*اعتراضات وتوصيات*
ونحن مثقفي وممثلي فئة المهمشين في اليمن نعترض على التجاهل المتعمد من قبل مبعوثي الأمم المتحدة لهذا المجتمع، الذي يمارس في حقه كل انواع الإنتهاكات الحقوقية الإنسانية والحرمان الشديد وتجريده من كافة الحقوق المشروعة له كمواطن يمني، حيث وأن التجاهل يعد تمييز عنصري بحق ابناء الفئة، على الرغم من أننا كنا ولا زلنا نعول على الأمم المتحدة بلفت النظر لإشراك المهمشين ضمن مفاوضات السلام. كونه يهم الشعب.
معالجة قضايا المهمشين أمراً ضرورياً يجب سن قانون تجريم العنصرية وخطابات الكراهية وتفعيلها على أرض الواقع.
اصدار قانون يخص اشراك الأقليات والمهمشين بعملية السلام باليمن وعدم تجاهلها.