يكتب محمد القيرعي – .. يوم الجمعة الفائت شدني لقاءآ متلفزا على شاشة ( فرانس 24 ) الاخبارية الفرنسية ( برنامج ضيف ومسيرة ) مع المواطنة الفرنسية السمراء والمسلمة طبعا ذات الأصول الافريقية المختلطة (( مريم تاماتا فاران )) والتي أصبحت من أبرز وأهم الظواهر الحضارية الفريدة من نوعها في المجتمع الفرنسي الحديث “”
فهذه السيدة المولودة في العام 1982م في مسقط راسها موريتانيا_ لاب موريتاني الجنسية وأم مغربية متحدرة من اصول سنغالية _ كانت قد قدمت اصلا إلى باريس قبل عقدين وتحديدا في العام 2000م لمواصلة دراستها الجامعية في تخصص التجارة الدولية، قبل ان تنتقل للإقامة في مدينة ( يابل الفرنسية ) الواقعة في ضواحي العاصمة باريس ولتصبح بعدها العمدة المنتخبة للمدينة التي يربوا عدد سكانها على 700 الف نسمة -والتي تعتبر ايضا ( اي مدينة يابل ) من المعاقل المهمة لليمين الفاشي الجديد ولليمين المتطرف عموما في فرنسا “”
وذلك بعد أقل من عشر سنوات على قدومها كمهاجرة وكطالبة علوم الى فرنسا ، وبعد اقل من ست سنوات فقط حصولها على الجنسية الفرنسية التي حازت عليها في العام 2008م وهي السنة ذاتها التي انتخبت فيها لمنصب مستشارة بلدية يابل _قبل أن تتدرج بعدها لتصبح عمدة مساعدة _الى أن تم انتخابها رسميا لمنصب عمدة المدينة للمرة الاول في 28 من مارس العام 2014م عبر الاقتراع الشعبي المباشر وليعاد انتخابها مؤخرا لنفس المنصب الذي قد يمهد لها الطريق مستقبلا لبلوغ مراتب عليا في مراكز صنع القرار السياسي والنهضوي الفرنسي “”
هذه الظاهرة الثورية الفريدة من نوعها على الصعيد الإنساني أعادت الى (( ذهني كخادم )) مشاهد مؤثرة لظاهرة حضارية مماثلة تمتاز بحضورها الثوري الخلاق الممتد لستة عقود ونيف مضت يحظى بها اقراننا من ( زنوج جمهورية كوبا الاشتراكية ) في أميركا اللاتينية والذين يشكلون ما نسبته ال 40× في المائة من القوام العددي الكلي للمجتمع الكوبي “”
ففي يوم التاسع من كانون الأول /ديسمبر / العام 1989م كان الرفيق _ القائد _ المعلم ( فيدل كاستروا ) يستقبل في مطار العاصمة هافانا جثمان الشهيد الثوري الزنجي _ الملازم في الجيش الكوبي _ ( انطونيوا ماسيوا ) الذي سقط في معارك أنغولا التحررية في أفريقيا المسنودة عسكريا آنذاك من قيادة الثورة الكوبية ”
ثم وعقب تشييع الرفيق الشهيد انطونيوا ماسيوا صدر قرارا وطنيا جمعيا اقره البرلمان والحزب الشيوعي الكوبي بزعامة الرفيق كاستروا باعتبار تاريخ استشهاد هذا الثائر الزنجي الاسود يوما وطنيا لتخليد كل شهداء الثورة الكوبية في الداخل والخارج …حيث بات هذا التاريخ التاسع من كانون الاول / ديسمبر / من كل عام يوم عطلة وطنية رسمية تؤصل لاحتفاء الكوبين بارثهم الثوري الجبار على الصعيدين السياسيي والإنساني ”
الأدهى من ذلك هو أن الرفيق فيدل كاستروا وفي خطاب التشييع الذي القاه في جنازة ماسيوا _ أقر بشجاعة ثورية منقطعة النظير إلى أن الثورة الكوبية لم تتمكن خلال الثلاثة عقود الفائتة من مسيرتها حتى ذلك الوقت _ 1959م_ 1989م من الوفاء بكل تعهداتها حيال زنوج كوبا الذين قال بانهم لا يزالون الطبقة الأكثر فقرا وامية وتخلفا في المجتمع الكوبي وبعدا عن المشاركة في إدارة الشئون العامة للبلاد..الخ
وهذه مثالية ثورية مفرطة من وجهة نظري تعكس مدى النبل والمصداقية الثورية التي يتمتع بها الرفيق/ الراحل فيدل كاستروا خصوصا إذا ما وضعنا بعين الاعتبار ان ثلث أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم هم من الزنوج وما يقرب من نصف اعضاء اللجنة المركزية للحزب أيضا بالإضافة إلى شراكتهم الملحوظة في إدارة مجمل الهيئات المناطة بإدارة الشئون العامة للبلاد بما فيها قيادة الجيش الكوبي التي يحتل مقعد قائدها العام الأول الجنرال الزنجي الأسود كاسيلوا ”
تصورو معي مثلا ماذا لو كان قدر يوما لعمدة يابل الفرنسية / السيدة مريم تاماتا فاران.. او للشهيد انطونيوا ماسيوا / العيش في بلادنا أو الهجرة أليها _ لبات قدرهم ومصيرهم مرهونا بحجم ( المرفع ) اي الطبل المخصص لهم حتى ولو كانوا ثوريين بحجم الوطن ”
ففي بلادنا الواثقة بالرب والمتمسكة بدينها ومعتقداتها السامية والمتسامية _ يصبح من السهولة بمكان على المجتمع بمرشديه السياسيين والقبليين وحتى الدينيين أيضا أمثال الحزمي والزنداني _ والحجوري _التعاطي مع وضع سيدة سوداء مثل العمدة (مريم تاماتا فاران) لا بوصفها قائدة اجتماعية مؤهلة / وإنما بكونها ( مضغة تحلية للقبائل ) تطبيقا للمثل الشعبي القائل ( الخادمة حلاوة سيدها ) “”
وهو الوضع ذاته الذي سينطبق بصورة أو بأخرى على الثائر الشهيد_ انطونيوا ماسيوا _ الذي ستحرم عليه شرائعنا الاجتماعية الممزوجة أحيانا بمسحة لاهوتية حمل البندقية لقيادة تطلعات المجتمع لتناقضها الصارخ مع طبيعة الغرض المخصص له وفق رغبة المشيئة ( اي المرفع / الطبل ) للترفيه عن اسياده القبائل كما جرت العادة التاريخية التي لا يمكن خرقها أو تخطي اسوارها وقيودها المتوارثة منعا لانجرار المجتمع لا قدر الله وراء تطبيق الأفكار الشاذة والفاجرة المطبقة في تلك المجتمعات المسبحية الكافرة على غرار المجتمعين الكوبي والفرنسي الموبؤين بالرذيلة والبعد عن الله …الخ
= فنحن معشر الاخدام قد كرمنا الرب بسيدنا بلال بن رباح _ حسب قول أحد الوعاظ مشددا في حديثه معي على أهمية اقتدائنا وربما اكتفائنا أيضا معشر الاخدام بهذا المنجز الرباني “”.
خلاصة القول هو أن الأمر الذي تعمد هذا الواعظ تجاهله هو أن بلال كان صاحبا ومؤذنا للرسول في مكة المكرمة وليس في الجامع الكبير بصنعاء ‘
وبلال ما كان يمكن له أن يكون صاحبا ومؤذنا لرسول الله لولا الطاقات الثورية الخلاقة التي نشأت في المحيط الاجتماعي من حوله _ محولة اياه من مجتمع عبودي … إلى مجتمع سيادي تحرري ”
وصدقوني لو كان قدر يوما لبلال أن تطاء قدماه هو الاخر بلادنا الميمونة.. لبات قدره ومصيره ايضا مرهونا بحجم المرفع المخصص له .. حتى ولو كان أمام المسلمين جميعا.