حكاية من طين وماء: رحلة طالب مهمّش

يكتب  مروان باردمان

في ركن قصيّ من اليمن، حيث تتراقص أشعة الشمس على صفحات الرمال، وتُزهر أحلامٌ خجولة في قلوب المهمّشين، عاش طفلٌ يُدعى “أحمد”.

لم يكن أحمد كبقية الأطفال، فقد ولد لأبوين فقيرين ينتميان إلى فئة المهمّشين، تلك الفئة التي تُحرم من أبسط حقوقها، بما في ذلك التعليم.

لكن أحمد كان مُختلفًا، فقد كان يحلم بمستقبلٍ أفضل، مستقبلٍ يُضيء فيه نور المعرفة ظلام الجهل، مستقبلٍ يُحطّم فيه قيود الظلم والتهميش.

بدأ أحمد رحلته التعليمية في مدرسةٍ صغيرةٍ بُنيت من الطين والماء، مدرسةٍ تفتقر إلى أبسط احتياجات التعليم، مدرسةٍ تُعاني من نقص المعلمين والمرافق.

واجه أحمد في رحلته العديد من التحديات، فقد تعرّض للتنمر من قبل بعض زملائه، كما واجه نظرةً دونية من قبل بعض أفراد المجتمع.

لكن عزيمة أحمد كانت أقوى من كلّ العقبات، فكان يُواظب على الدراسة بجدّ واجتهاد، وكان يُساعد أهله في العمل بعد انتهاء الدوام المدرسي.

مع مرور الوقت، تفوق أحمد على كلّ الصعوبات، وتخرج من المدرسة بتقديرٍ ممتاز، مُحققًا بذلك حلمًا لم يكن يتوقعه أحد.

لكن رحلة أحمد لم تنتهِ عند هذا الحد، فقد واصل دراسته الجامعية، وتخرج من الجامعة بتقديرٍ عالٍ، حاملاً معه شهادةً تُؤهّله للعمل في مجالٍ يحبّه.

لم ينسَ أحمد أبدًا أصوله، فبعد تخرّجه، سعى جاهدًا لمساعدة أبناء فئته المهمّشة، وبدأ بتأسيس مدرسةٍ مجانيةٍ للأطفال الفقراء، مُقدمًا لهم التعليم النوعي الذي لم يحظَ به هو في طفولته.

أصبحت قصة أحمد رمزًا للأمل والتحدّي، رمزًا لقدرة الإنسان على تحقيق أحلامه مهما كانت الظروف صعبة، رمزًا لقدرة التعليم على تغيير حياة الناس وتحسينها.

في يوم ما سألني أحد الزملاء عن أسباب تدني مستوى التعليم وأرتفاع نسبة الجهل وأنتشار الأمية في أوساط المهمشين في اليمن؟ 

كان ردي عليه هو

أعتقد أن أسباب تدني مستوى التعليم عند المهمشين هي نفسها عند بقية الطبقات الاجتماعية في اليمن ولكن هناك عوامل مؤثرة يحيط بها الطالب المهمش وتجعله يتوقف عن التعليم في مراحل مبكرة جداً.

وهذه العوامل هي التنمر والعنصرية وممارسة العنف التي يتعرض لها الطالب المهمش من قبل زملائه الطلاب وبعض المعلمين في بعض المدارس الحكومية.

والنظرة الإحتقارية التي يمارسها المجتمع إتجاه أبناء هذه الشريحة.

إضافةً إلى دور الأسرة التي تتيح للطالب الحرية في إتخاذ قرار مثل هذا والسماح له بالتوقف عن التعليم في مرحلة مبكرة واللجؤ إلى العمل منذ عمر مبكر وممارسات الأعمال الشاقة من أجل مساعدتهم في نفقات ومصاريف البيت نظراً لأوضاعهم المعيشية التي يعيشونها منذ مئات السنين وأكثر.

ولا ننسى أيضاً دور الحكومات السابقة التي كان لهم دوراً بارزاً في حرمان أبناء هذه الفئة من ممارسة تعليمهم وعدم توفير أدوات مساعدة تساعدهم على إكمال تعليمهم مثل إعفائهم من الرسوم الدراسية.

وتوفير الحقائب المدرسية لكل طالب نظراً للأوضاع المعيشية التي تعيشها أبناء هذه الفئة.

تفعيل المقاعد المجانية في الجامعات الحكومية كل عام.

إتاحة فرص العمل ومنحهم الثقة في المكاتب التنفيذية والدوائر الحكومية.

هذه هي العوامل المؤثرة على إنتشار نسبة الجهل والأمية في فئة المهمشين.

المقالة التالية
المجلس الوطني للأقليات في اليمن: عامان من الانتظار
المقالة السابقة
فاتن.. نازحة تكافح أمية التعليم بين أطفال المهمشين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

مقالات مشابهة :

الأكثر قراءه

━━━━━━━━━

كتابات

━━━━━━━━━