نافذون يحمون الجناة.. قضية اغتصاب “رسائل” تنتظر العدالة الغائبة

أكثر من سنة ونصف وما زالت قضية الطفلة “رسائل”، التي تعرضت لجريمة اغتصاب في مدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، معلّقة في أروقة المحاكم من دون البتّ فيها؛ إذ يحمي نافذون الجناة ويعرقلون معاقبتهم؛ ففي أواخر مارس 2020، تعرضت الطفلة رسائل للاغتصاب من قبل أربعة شباب، وعلى إثر ضغط مجتمعي وحقوقي تحوّلت الجريمة إلى المحكمة، وقد بدأت أولى جلسات المحاكمة في السابع عشر من أغسطس 2020، بعد أشهر من وقوعها وتحوّلها إلى قضية رأي عام.

 

وحول مستجدات سير القضية قالت محامية الطفلة رسائل عبد الجليل “نبيلة الجبوبي”: “اجتيزت أربعُ جلسات، وما زلنا في طور تقديم الإثبات من سماع شهادة الشهود، وتبقت جلسة واحدة لاستكمال تقديم الاثباتات”، وأضافت في حديث لصوت المهمشين: “للأسف ما زال ثلاثة من المتهمين خارج أسوار العدالة، ولم يُحتجز إلا واحد فقط، وعليه قدّمتُ طلبَ تصدٍّ للقاضي في الجلسة السابقة بخصوص قرار الاتهام الصادر من النيابة لإقامة الدعوى الجزائية حيال باقي المتهمين”.

 

نافذون يحمون الجناة

من جانبه قال هيثم سيف (ابن عم الطفلة رسائل): “إن قضية رسائل ظلّت فترات طويلة في أدراج النيابة، ولم يُبتّ فيها بسبب أن أحد المتنفذين تربطه علاقة قرابة بأحد المتهمين، وقد سهّل عملية هروبهم إلى خارج المحافظة”، وأضاف أيضا: “تعرضنا للتهديد والضرب والتهجير أكثر من مرة من قبل الجناة وأهاليهم للضغط علينا حتى نتنازل عن القضية مستغلين وضعنا الاجتماعي، وتقدمتُ بشكوى إلى إدارة الأمن في المحافظة، لكنهم لم ينصفونا، حتى وصل الاعتداء إلى الاعتداء على الشاهد في القضية وعلى المحامين”.

 

ووفقا لما ذكره رئيس الاتحاد العام لفئة المهمشين “نعمان الحذيفي”، الشباب الأربعة المفرج عنهم من قبل النائب العام بحجة عدم توفر الأدلة الكافية في مشاركتهم بعملية الاغتصاب هم أبناء نافذين قبليين مدعومين من قبل السلطات الأمنية والقضائية بتعز.

 

ولفت إلى أنه تم استغلال هذا النفوذ بالتلاعب بسير إجراءات التحقيق، ونفي التهمة عنهم بالرغم من أنهم جميعا شاركوا في عملية الاختطاف والاغتصاب بحسب إفادة الضحية في محاضر التحقيقات.

 

اعتداءات على المحامين

“لم يمنعنا ما تعرضنا له من اعتداء وهجوم من قبل المتورطين في قضية الطفلة رسائل عن مواصلة الدفاع عنها”، هكذا لخّصت “سميرة نبيش” رئيسة لجنة الحقوق والحريات بالاتحاد الوطني للمهمشين والمشاركة في الدفاع عن قضية الطفلة رسائل، وأضافت في حديث لصوت المهمشين: “قضية رسائل قضية رأي عام ثابتة بالتقارير الصادرة من جهات حكومية، وكذلك بشهادة شهود الإثبات، ولن نتنازل عن القضية ويجب أن يحاسب جميع المتهمين والمتورطين بذلك”.

 

وكانت قضية الطفلة رسائل قد لقيت تضامنا وتعاطفا كبيرين من ناشطين مدافعين وحقوقيين، وتنديدا واسعا في وسائل التواصل الاجتماعي، وتداولت قصتها تحت هاشتاج #رسائل_قضية_رأي_عام، وخرجت مسيرات غاضبة تنديدا بتميع قضية اغتصاب الطفلة المهمشة، وتنديدا بالتهجير القسري الذي تعرض له المهمشون في مديرية المعافر في تعز، وطالب المحتجون بسرعة القبض على جميع مرتكبي جريمة الاغتصاب الفارين من وجه العدالة.

 

وكان الاتحاد الوطني للمهمشين باليمن، في بيان له، أدان كل أعمال الترهيب التي تمارسها أسرة الجناة ضد أسرة الطفلة رسائل والشهود والمحامين المكلّفين بمتابعة قضيتها، وطالب السلطة المحلية بمحافظة تعز القيام بواجباتها الأمنية ضد ما يتعرض له المهمشون بالمحافظة.

 

تصاعد جرائم الاغتصاب

وقد تصاعدت خلال الآونة الأخيرة وتيرة جرائم الاغتصاب التي تطال الفتيات القاصرات من فئة المهمشين في محافظة تعز، وسط صمت وتجاهل من قبل السلطات الأمنية والقضائية، وعدم توفير الحماية ومعاقبة المجرمين، وكان كان آخرها اغتصاب الطفلة جواهر (14عاماً) من أبناء حي الشماسي في تعز من قبل شاب يبلغ من العمر 28 عاما، وقد استدرج الطفلة إلى منزل والده، واغتصبها بوحشية.

 

وقال رئيس اتحاد المهمشين نعمان الحذيفي: “إن زيادة جرائم الاغتصاب التي تطال الفتيات القاصرات من فئة المهمشين داخل مدينة تعز يأتي نتيجةً لغياب الدور العقابي الذي شجع الجناة على الإفلات من العقاب”، وأضاف: “في حال تغاضي السلطة العقابية عن القيام بدورها من دون مراعاة للجوانب الاجتماعية للضحايا وعدم قدرتهم للوصول للمقاضاة العادلة فسوف تتصاعد وتيرة مثل هذه القضايا”.

 

وبدوره أشار الناشط الحقوقي عبد الاله الحكيمي إلى أن المغتصَبات من فئة المهمشين يستجدين التعاطف ويطالبن القانون والقضاء بأخذ حقهن، ولكنهن للأسف لا يجدن سوى العنصرية المقيتة، وقال أيضا: “تعيش الفتاة المهمشة في مجتمع لا يعترف بحقوقها القانونية والشرعية والإنسانية كمواطنة لها ما لغيرها من النساء بحجة العنصرية الباطلة”.

 

وناشد الحكيمي جميع المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية وجميع وسائل الإعلام من أجل التحرك لوقف الأحكام العنصرية الصادرة بحق المهمشين سواء عرفية أم قضائية، وأوضح قائلا: “إن تلك الأحكام تفتقر لأبسط شروط التقاضي العادل، بل إنه يندرج ضمن الأحكام العنصرية التي تعود بنا إلى حقبة الصراع العنصري التي شهدها العالم في مرحلة غابرة من مراحل التاريخ”.

ــــــــــــــــــــــــ

الصورة لتقرير كشف الضحية ـ وسائل التواصل الاجتماعي

المقالة التالية
الإسكافيون في اليمن.. معاناة معيشية قاسية وإهمال مجتمعي وحكومي
المقالة السابقة
في ظلّ ارتفاع جنوني لأسعار الغذاء.. شبح المجاعة يهدّد المهمشين في “الحَبِيلَين”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

مقالات مشابهة :

الأكثر قراءه

━━━━━━━━━

كتابات

━━━━━━━━━