أحياء المهمشين من دون مياه أو شبكات صرف صحي

تترقب يومياً “أم أحمد” موعد حصولها على الماء المجاني (السبيل) بحرص شديد، وذلك يحتاج إلى الوصول مبكرا إلى مكان التعبئة وحجز مكان في الطابور الطويل والانتظار من أجل الحصول على عشرات اللترات للاستخدام اليومي.

 

تسكن “أم أحمد” في تجمع للمهمشين بحي “عَصِر” في العاصمة صنعاء، وتعاني هي وأسرتها بسبب عدم توفر المياه. تقول إنها تخرج كل يوم بعبوات بلاستيكية وتقف بالطابور لانتظار دورها حتى تحصل على الكمية المقررة لأسرتها من المياه. ذلك في ظل أزمة إنسانية تواجهها اليمن جراء الصراع الدائر للعام السابع على التوالي، وتعد فئة المهمشين من أكثر الفئات تضررا باعتبارها من الفئات الأشد فقراً.
قالت أم أحمد في حديث لصوت المهمشين: “معظم الأوقات لا أجد ما يكفينا، وأعود للبيت بأربع دبّات من الماء (80 لترا)، وأستخدمها للطبخ والغسيل وللشرب أيضاً بعد استخدام أقراص تعقيم المياه التي أخذناها من المنظمة”.

 

وأضافت: “هناك موقعان في الحي للحصول على المياه، ولكنها لا تكفي لسدّ حاجة جميع السكان؛ إذ تفتح خزانات الماء يومين في الأسبوع، ونتيجة للعشوائية وعدم التنظيم في التوزيع يأخذ البعض فوق حاجته والبعض الآخر لا يجد قطرة ماء”.

 

ومع قلّة المياه التي يحصلون عليها، فهي ليست نظيفة بالقدر الكافي وغير صالحة للشرب، وبسبب العشوائية تتعرض مياه السبيل للتلوث، ولا يوجد بديل آخر لدى المواطنين وخصوصا فئة المهمشين، وهو ما يضطرهم إلى استخدامه.

 

صعوبة الحصول على المياه
توجد تجمعات المهمشين في عدد من المدن اليمنية منذ سنوات طويلة ومنها العاصمة صنعاء، لكن الجهات الحكومية لا تهتم بإمدادها بخدمات المياه، ولا يوجد أي مشروع حكومي، رغم أن المساكن والأحياء المجاورة لهم لديها مشاريع مياه، وهذا قبل الحرب، لكن كثيرا من السكان الآن يعانون أيضا من شحة المياه.

 

فارس أحمد (30 عاماً) يقول: “نعيش منذ سنين طويلة، وليس هناك أي مشروع للماء مثل باقي الأحياء، ونحصل على المياه من السبيل، وننقله من مسافات بعيدة فوق ظهورنا”، وأضاف في حديث لصوت المهمشين: “تحدث كثير من المشاكل بسبب قلة الماء وزيادة الطلب عليه من الأسر، فكل أسرة تحتوي على الأقل على ثمانية أفراد، ومعظمهم من الأطفال الذين يحتاجون إلى الماء باستمرار”، واشتكى أيضا: “أطفالنا أكثر من يعاني من شحة المياه صحيا ونفسيا ومعنويا؛ إذ يتحملون أوعية بلاستيكية مملؤة بالماء من مسافات طويلة، ويتعرضون للأمراض بسبب التلوث في المياه”.

 

ومن جانبه قال محمد هاشم (عضو في إحدى المبادرات الشبابية لمساعدة المهمشين): “أثناء نقل الماء يتعرّض الأطفال لحوادث مرورية والنساء للتحرش، بالإضافة الى حدوث كثير من المشاجرات الكبيرة بين الأفراد للحصول على المياه”.

 

ويتسبب نقل المياه بأضرار صحية عدة للنساء. قالت طبيبة في مستوصف قريب من فئة المهمشين إسمهان أمين: “إن مشاكل صحية متعددة تتعرض لها النساء، أبرزها هبوط جدار الرحم بسبب الحمل الزائد، وانزلاقات في العمود الفقري، بالإضافة إلى سقوط الأجنة للنساء الحوامل، والإصابة بالغدد الليمفاوية التي تظهر على الرقبة”.

 

مساكن بدون حمامات
في النزول الميداني الذي قام به موقع صوت المهمشين إلى أحد مخيمات النازحين المهمشين في صنعاء، سُئل عدد من القاطنين عن دورات المياه، وهنا كانت الصدمة، لا دورات للمياه في تجمع المهمشين السكني. قالت سميرة نصر: “يقضي الرجال والأطفال حاجتهم في الخلاء بعيدا عن السكان، وتقضي النساء حاجتهن في أوعية بلاستيكية تُرمى في الخلاء أيضا، وهذا الأمر يسبب انتشار الأمراض وانبعاث الروائح الكريهة”.

 

وأضافت: “نغسل ملابسنا أمام المخيمات، فلا دورات مياه لتصريف الماء، ويتم تصريفها بجانب الخيام مما يؤدي إلى تكون مياه راكدة تمتلئ بالبعوض، فنُصاب بعدد من الأمراض”.

 

ويرى الناشط “محمد هشام” أن سبب عدم وجود دورات للمياه أدّى إلى الوضع الراهن، وتسبب بزيادته أيضا نسبة النازحين الساكنين بطريقة عشوائية على مساحات وأراضي تعود لمواطنين بصفة خاصة، الأمر الذي شكل عائقا أمام المنظمات لتوفير أبسط الخدمات لهذه الشريحة من المجتمع.

 

وأضاف: “يعتمد النازحون في المخيمات على الطرق البديلة لقضاء حاجتهم باستخدام حمامات طارئة جماعية، وهي عبارة عن صفيح تقوم بوضعها المنظمات في تجمعات النازحين لكل ثلاث أسر حمام، حيث يتم فيها الحد من انفجار كارثه بيئية تؤثر سلبا على المجتمع”.

 

غياب الدور الحكومي
وكشف الأمين العام لاتحاد المهمشين في تعز صالح المضي أن نظام ولوائح السلطات المحلية تمنع أن تشترك تجمعات فئة المهمشين في مشروع المياه أو في الصرف الصحي مثل بقية المواطنين. وقال في حديث لصوت المهمشين: “معظم المهمشين يعيشون منذ الستينات في مساكن تقع على أطراف المدينة أو على جوانب السيول في بيوت مبنية من الصفيح، وبسبب عدم امتلاكهم للأرض التي يسكنون عليها يُحرمون من مشروع المياه والصرف الصحي، وأشار المضي إلى أن هناك معاناة أخرى تضاف إلى فئة المهمشين. وتزيد من معاناتهم أهمها عدم امتلاك بعض التجمعات إلى شبكات صرف صحي، والبديل لهم أن يقضوا حاجاتهم في العراء.

 

وذكر أنه في عام 2011 بدأت عدد من المنظمات الدولية والمحلية بعمل شبكة مجاري وتوفير مشروع المياه في بعض تجمعات المهمشين المزدحمة داخل مدينة تعز بسبب مكوثهم فيها لأكثر من 30 سنة، لكن غالبيتهم لا يمتلكون مجاري تصريف الصحي حتى يومنا هذا.

ــــــــــــــــــــــــــ

الصورة الرئيسية لتجمع المهمشين في منطقة الحصبة، أمانة العاصمة صنعاء، بواسطة: عبد الواحد السماعي

المقالة التالية
وعود بالدعم لمخيم المهمشين المحترق خلف فندق الفخامة في إب
المقالة السابقة
شتاء المُهمّشين.. أجساد نحيلة تبحث عن الدفء في خيام متهالكة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

مقالات مشابهة :

الأكثر قراءه

━━━━━━━━━

كتابات

━━━━━━━━━