جمال الحجري – في ظل استمرار الحرب ،والاضطراب الاقتصادي وانهيار العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع الغذائية ، وانعدام فرص العمل و الأمن الغذائي ، لدى مئات الأسر المهمشة في محافظة الضالع جنوب اليمن، بدون غذاء، يبقى البحث عن مصادر المساعدات الغذائية ، لتلبية احتياجاتهم ،إبقاءهم على قيد الحياة ، جهاداً مُضني، في ظل ظروف إنسانية صعبة وقاسية .
يوثق هذا التقرير جانب من حياة متدهورة، تعاني منها اسر المهمشين في الضالع ، في ظل إقصاءات غير مبررة ، واستثناءات مُبهمة، ووعود في سراب من قبل السلطات المحلية ، والمنظمات الإنسانية.
أرقام وإحصائيات
يصل عدد المهمشين في اليمن إلى حوالي 3.3 مليون نسمة ، بما يعادل 11% من سُكان الجمهورية اليمنية
بحسب الاتحاد الوطني لتنمية الفئات الأشد فقراً (المهمشين) في اليمن
يبلغ عدد المهمشين في محافظة الضالع الئ 4500 أسرة، وفقا لدراسة إحصائية لـ جمعية الأمل التنموية الاجتماعية التنموية الخيرية لعام 2017 م ، والتي أشارت إلى ان تلك الأسر موزعة على 48 قرية وتجمع سكاني بمختلف مديريات المحافظة، وتعد مديرية قعطبة أكثر المديريات تجمعاً للمهمشين ، حيث يسكن فيها ما يقارب 1150 أسرة وفقاً لتقرير أعده الباحث محمد هادي الحربي في عام ٢٠١٥ ، ويستثنى من هذه لأرقام مئات الأسر المهمشة النازحة من المحافظات التي تشهد نزاعات مسلحة.
استثناءات ،، ووعود في السراب
تفتقر مئات الأسر المهمشة ، الى الغذاء ومتطلبات المعيشة،مما يجعلهم يوجهون قساوة الفقر، ووجع المعاناة والبحث عن الغذاء،عبر وسائل ومهن دونية، ومن الملاحظ للقارئ اليمني ، زيادة ظاهرة التسول يمارسها رجال، وشباب، ونساء،وأطفال وحتى شيوخ من هذه الفئة، فأصبحت وسيلة بديلة لأولئك المتسولون من المهمشين، للحصول على لقمة عيشهم، وسط قصور وتجاهل من المنظمات الانسانية ، والسلطات المحلية.
أرتبط توزيع المساعدات الانسانية التي تقوم بها المنظمات، على النازحون فقط، وحرمان الأسر المُعدمة والضعيفة ، بحجة انهم من المجتمع المُضيف الغير مشمولين في برامج المساعدات ، رغم كثرتهم ، ومع تداخل الكثير من المنظمات في برامجها الانساني ، فهناك اكثر من منظمة تقوم بتوزيع مساعدات غذائية لنفس الاسرة ، فتحصل الاسرة الواحدة لاكثر من سلة غذائية من اكثر من منظمة ، لايوجد تقسيم وتوزيع عادل لهم.
يقول محمد هادي- مندوب المهمشين بالضالع– لـصوت المهمشين– مُتحدثا عن وضع المهمشين واليات توزيع المساعدات التي تقوم بها الوحدة التنفيذية والمنظمات الانسانية فيقول “ ان المهمشين في الضالع ، يمرون بوضع انساني صعب وقاسي للغاية، وهناك مئات الاسر المهمشة بدون غذاء، فضلا عن غياب الخدمات الاساسية ، في ظل وضع انساني متدهور ، جراء استمرار الحرب ومع دخولها العام السابع تضاعفت معاناتهم،هناك اهمال متعمد من قبل الوحدة التنفيذية، فقد ركزت جهودها بالاهتمام بالأسر النازحة، وهو الأمر الذي فتح مجال التجاهل من قبل المنظمات الاغاثية، وهناك مئات الاسر لم تُدرج ضمن قوائم المستهدفين من مشروع برنامج الاغذية العالمي، وهو مشروع عملاق ، كنا نامل ان يتم استيعاب كافة الاسر المهمشة، ولكن ما حصل ان الشريك المنفذ لهذا
المشروع، المتمثل بـ جمعية التكافل الانساني- تتلاعب بعملية استيعاب المهمشين في الضالع، رغم توجيهات الجهات المعنية، الا اننا لحد الحظة لم نجد الجدية والبت باستيعابهم، بناء على توجيهات السلطة المحلية بالمحافظة.
“نأكل بقايا الأكل ، الذي نحصل عليه من المطاعم ،ونسمع عن أرقام هائلة في صرف الإغاثات الإنسانية ، وعندما نذهب لنحصل على جزء منها ، يكون الجواب “المرات القادمة،سوف ينزل اسمك– ,” ولا حل لنا غير الشكوى لله “
الحجة آمنة حسين – من أهالي مخيم -الصدرين- ارمله تُعيل أسرة مكونة من ٦ افراد، تشكو من حرمانها من المساعدات الغذائية منذ بداية الحرب ،ولم يدرج اسمها ضمن قوائم المستهدفين من مشاريع الإغاثة الإنسانية .
تروي قصتها قائلة “أني أمراءة ارمله، وما يعلم بحالي سوى الله، استيقظ كل صباح مع اطفالي ،ونذهب السوق نتسول، وعلى هذا الحال نعيش، أما بالنسبة للإغاثة – تقول آمنة” نسمع عن الإغاثة ونراها مع الناس فقط ، وكل الناس يستلمو الا اني ، لا أجد سوى وعود، من مندوب المنظمة ، من شهر الى شهر ،وكما ترئ بأني عجوز كبيرة بالسن و عمري ٥٠ عاما ، وأعيل أطفال أيتام ، ونحصل على أكلنا وشربنا من التسول، فهذا حكم الله والحمد لله، وتقول “اشتري الدقيق بالكيلو من المحلات واحيانا استلف دقيق من الجيران“.
الشكوى لله
زرنا المواطن – احمد ابن احمد – 60 عاما – في منزله والذي يعيل أسرة مكونة من ١٢ فرداً ، ويسكن معهم في كوخ مبني من أطارات السيارات وقطع من الكرتون ، يفتقر منزله لأبسط الأدوات المنزلية يقول ” تفضل إلى الداخل ، لترئ كيف هي حياتنا، نمتلك شي من المواد الغذائية ، لنسد به رمق جوعنا ، ومن أين نحصل عليه ؟ حتى أسعارها أصبحت حُلم بالنسبة لنا ” ويضيف ” نحصل على الطعام اليومي من المطاعم من بقايا الأكل،في حين نسمع ،بارقام هائلة تتحدث عنها المنظمات في صرف الإغاثات الإنسانية ، وعندما نذهب لنحصل على جزء منها ، يكون الجواب “المرات القادمة،سوف ينزل اسمك– ,” ولايحل لنا غير الشكوى لله “.
الشكوى لله بهذه العبارة يختم الحاج أحمد حديثة معنا، وملامح وجهه مخطوطة بالغصة،والبكاء، واهات القهر تعصر قلبه المنكسر من شدة معاناته.
كِسرة خُبز ، قد تُخفف من معاناتهم، والاهتمام بما يعانوه ،قد يُسهم في الحد من مخاطر الجوع ، والتخفيف من ظاهرة التسول ، والحفاظ على حياتهم، التي قد يفقدوها بسبب مشاكل صحية لنفسية ناتجة عن نقص الغذاء.
الحاج احمد و الحجة أمنة ما هم إلا نموذج بسيط من أولئك الذين قابلناهم وسمعنا ،حُرقتهم، فهذا هو حال عشرات الاسر المهمشة في الضالع تُكابد الشقاء، ومرارة العيش، وقسوة الفقر والحاجة.
خلال تجولنا بين مساكن المهمشين، ومن قابلناهم في الشوارع،أثناء تسولهم ، توحدت مطالبهم ، مناشدين، بالنظر لوضعهم ، وهو امر يتطلب لفته جادة من قبل الجهات المعنية وتدخل عاجل، من المنظمات الإنسانية المحلية والدولية بتقديم يد العون والمساعدة لهؤلاء، واستيعابهم في برامجهم الإنسانية، فكسرة خُبز قد تُخفف من معاناتهم، والاهتمام بما يعانيه،قد يسهم في الحد من مخاطر الجوع ، والتخفيف من ظاهرة التسول ، والحفاظ على حياتهم التي قد يفقدوها ، بسبب المشاكل صحية والنفسية،الناتجة عن نقص الغذاء.
مناشدات أنطلقت من أفواههم،عبر صوت المهمشين – إلى اللجان المجتمعية و الوحدة التنفيذية في المحافظة وبرنامج الغذاء العالمي، وطلب موحد ،العمل على إدراجهم في برامج الغذاء والدواء، ليضمن لهم تأمين حياتهم، والتخفيف من معاناتهم في البحث عن العيش، و تحقيق مبادئ التكافل الانساني في المجتمع