مساكن المهمشين في حضرموت .. فقر وبطالة وحرمان من الحقوق

قذفت بهم الأعراف والتقاليد والتمييز الطبقي والعرقي خارج أسوار المجتمع ، مجردين من أبسط حقوقهم الإنسانية، لا يملكون غير ثلاث وسائل دونية للعيش وبشرة سمراء وعيون مشرغة بألوان شتى من الغبن.

“موقع صوت المهمشين ” زار بعض مساكن المهمشين في محافظة حضرموت  ( شرق اليمن) وخرج بهذا التقرير الذي يسلط الضوء على حياة منسية لأناس يعيشون في جحيم العزلة والحرمان.

هذه المساكن المتواضعة المتناثرة فوق أرض لا يملكونها   والمفتقرة لكل ما يليق بالإنسان للعيش الكريم في وادي حضرموت مدينة سيئون يعرف بمحوى ” الحرافيش” أو “الأخدام” ، وهي كلمة تلخص النظرة الدونية لشريحة كبيرة من المجتمع اليمني.

 

ثلاث مهن للعيش

لا يمتلك هؤلاء المهمشون أراضي زراعية أو عقارات ولا يملكون حرية العمل أو أيا من وسائل الإنتاج الإقتصادي الذي يمكنهم من تأمين سبل العيش الكريم والإندماج في المجتمع على غرار بقية أفراد المجتمع، كما أن حظوظ فرص الإلتحاق في  التعليم والتعليم المهني محدودة جدا ولا تتعدى مرحلة الثانوية العامة إلا نادراً، فالتمييز العرقي بين قبيلي وسيد وخادم وجزار ومزين شكلت سياجاً لا إنسانياً بين مكونات المجتمع اليمني مما أجبرتهم على ممارسات مهن تبدو دونية من وجهة نظر المجتمع كتنظيف الشوارع  وإحياء حفلات الزفاف لأبناء القبائل وخدمتهم، بالإضافة لمهنة خياطة الأحذية (الإسكافية)، وغيرها من المهن ذات الدخل المنخفض التي يمارسها أفراد شريحة المهمشين لكسب قوتهم وتأمين سبل البقاء.

 

بطالة ومعاناة 

يقول فهيم دبوان  (43 عاماً) لـ”صوت المهمشين ” إن المهمشين يعانون  من التمييز العنصري الذي حرمهم من التمتع بحقوق المواطنة نتيجة ثقافة تمييزية متوارثة مغلوطة في المجتمع اليمني نبذتهم على هامش الحياة دون مراعاة لكونهم بشراً لهم مثل غيرهم.

ويضيف فهيم -بحسرة- أن فئة المهمشين يعملون ليل نهار وما يكتسبه سوى غير ثلاثة آلاف ريال يمني في أحسن الأحيان لا تفي بتأمين إحتياجات أسرته والتي تقدر بخمسة آلاف ريال كأدنى شي ، متابعا بالقول : هناك منظمات تأتي إلينا وتقوم بتسجيل وحصر الأسر ولكن لم نلمس من أيا من هذه المنظمات شيئا ورغم ذلك نحن نعمل تحت أشعة الشمس وفي أصعب الظروف لكي لا نلجأ لغير الله هو المتكفل بعباده وهو يمدنا بالقوة والأمل .

“فهيم” هو الوحيد  من بين حوالي ثلاثة آلاف مهمش ومهمشة في هذه المنطقة الذي لديه وظيفة حكومية إذ يعمل جنديا في السلك العسكري .

 

ظلم وحرمان .

بدورها تصف المهمشة سعيدة صوفي (52 عاماً) لـ”صوت المهمشين ” معاناتها قائلةً : إني أعمل في جمع الخردة طول اليوم لأعول ” 15 ” طفلا وطفلة، لأن زوجي يعاني من مرض مزمن، وأكسب في اليوم الواحد ما يقارب “2000” ريال يمني وهي لا تفي بالمصروف اليومي.

 

الجانب الإنساني ودور المنظمات

 تقول “نادية الفخري ” من الوحدة التنفيذية للنازحين في سيئون : “مع الأسف أن شريحة المهمشين أو الأخدام كما تسميهم الثقافة الإجتماعية في اليمن… يعانون من البطالة ووضعهم المعيشي صعب جدا”.

وتمضي قائلة “نادية الفخري “: ” مع الأسف فئة المهمشين في وادي وصحراء حضرموت لا يوجد لهم  أسماء في كشوفات السلل الغذائية وكذلك بعض النازحين ومع ذلك لم يتم صرف السلل الغذائية مذ ما يقارب شهران ونصف ولا نعلم لماذا “.

 عن دور منظمات المجتمع المدني في الحد من ظاهرة البطالة والوضع المعيشي التي تعاني منها شريحة المهمشين

 يقول” سامي عويض” مدير تنفيذي لمؤسسة أمل، نحن نقوم بتوزيع سلل غذائية وليس باستمرار بل عند الحصول الدعم من فاعلي الخير  ، وكذلك لحم الأضاحي توزع عبر مندوب ” المحوى”  كوننا لا نستطيع الدخول، مضيفا بالقول :  لا ندخل لكي لا تحدث مشاكل وصراع في داخل المحوى من قبل فئة المهمشين  نظرا لفقرهم الزائد الذي وضعهم في ذلك المكان.

ولمعرفة أكثر عن  الأسباب التي تحول دون حصول المهمشين على فرص العمل ولمعرفة ذلك تواصلنا مع المدير التنفيذي للإتحاد الوطني للمهمشين مرتضى الزكري والذي أجاب بدوره .

أولا الأسباب كثيرة ومتعددة والتهميش التاريخي لهذه الفئة يعتبر من الأسباب الرئيسية التي تحول بين  المهمشين وبين الحصول على فرصة عمل محترمه.

فنظرة المجتمع لهذه الفئة نظرة استحقار وامتهان ..ودونية أيضاً…كما من الأسباب أيضا حرمان هذه الفئة وعلى مدار مئات السنين من التعليم … الأمر الذي يجعل هذه الفئة في المرتبة الأولى من حيث نسبة الأمية حيث تبلغ نسبة الأمية بين أوساط هذه الفئة 95٪ ويضيف الزكري .أيضا من الأسباب والذي قد يكون سببا مشتركا بين فئة المهمشين والفئات  الفقيرة هو نظام الدولة  الذي تشكل التركيبة القبلية جزء كبيرا من السلطة وهو اعتقادي أداء الي غياب الارادة السياسية في تبني استراتيجية شمولية لتحسين اوظاع المهمشين وتعزز من فرص دمجهم اقتصاديا واجتماعيا مع بقية فئات وشرائح المجتمع اليمني .

المقالة التالية
نعمان الحذيفي – سيد الكفاح وخادم وطن
المقالة السابقة
تعز – النازحون “المهمشين” – مآسي في انتظار الحُلول

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

مقالات مشابهة :

الأكثر قراءه

━━━━━━━━━

كتابات

━━━━━━━━━