شبوة – في ظلّ المعاناة التي يعيشها “مجتمع المهمّشين” واستمرارا لضغوطات الحياة وقسوتها مع الإصرار في مجابهة الصعوبات وتقلباتها، يعيش المهمّشون بين فكّي العناء ومطارق البلاء، في عمق مأساوي يتعذّر شرحه.
وقد تعددت أنواع الصعوبات وتشابكت محتوياتها في مزيج يجمع ما سلف ذكره، ومن ذلك شريحة ذوي الاحتياجات الخاصّة “المعاقين”؛ إذ تُعد الأقل حظا في ظل وضع إنساني صعب وحال اجتماعي شائك، اعتلى كاهله حروب طال أمدها ونزاعات اتسعت رقعتها وآثار ظهرت.
ألتقى “صوت المهمشين” بأفراد من تلك الشريحة “المعاقين” تفاوتت إعاقاتهم. تحدّث نجيب صالح العزاني قائلاً: “أعاني من وضع صحي صعب على إثر الإعاقة في ساقي الأيمن التي بُترت بسبب حادث مروري قبل خمسة أعوام بضواحي مدينة “عزان”، مما أفقدني القدرة على الكسب ورعاية أسرتي البالغ عددهم (9) أفراد منهن (4) إناث و(5) ذكور”.
العزاني، في العقد الخامس من العمر، متزوج، وإحدى بناته أرملة، ولديها طفل “ذكر” يبلغ عاما من العمر. لم يلتحق بالتعليم من أبنائه إلا اثنان: فتاة في الصف الخامس، وولد في الصف السادس، في حين أحجم الآخرون عن الالتحاق بالتعليم للظروف المعيشية الصعبة التي تعانيها الأسرة، ولتدني مستوى الدخل لديها. يسكن “العزاني” وعائلته بمنزل شعبي بالإيجار يعجز عن الإيفاء بحق مالكه كل فينة وأخرى.
وعلى الرغم من إعاقته، يمتلك موهبة غنائية؛ إذ يتمتع بصوت ندي ونبرة ضخمة وإحساس مرهف. جل غايته وأمنياته أن يحظى بدعم مادي يستعين به على تكاليف الحياة وقسوتها، إضافة إلى رغبته الجامحة في تبنّي موهبته الغنائية وإبرازها؛ ليرتقي بها إلى تحسين المستوى المعيشي له ولأسرته.
واطلع الموقع أيضا على وضع إبراهيم حسن البالغ من العمر (35) عاما، وهو أرمل، ولا أولاد لديه. يعاني من إعاقة ذهنية، وتقوم على رعايته شقيقته الأصغر منه سنًا: سعود حسن. تحدثت سعود للموقع قائلة: “أخي إبراهيم يعاني من إعاقة ذهنية فقدَ على إثرها تركيزه وإمكانية تصريف حياته اليومية، مما ألزمني رعايته والقيام على تلبية احتياجاته مستعينة على ذلك بجمع النفايات وبيعها، إضافة إلى التسوّل”، وعبر موقع “صوت المهمشين-نت” دعت إلى تقديم يد العون وتقديم المساعدة الاجتماعية والرعاية الصحية والطبية لأخيها للتخفيف من معاناتها.
وتحدث محمد معذب سالم ذو العقدين والنصف من العمر قائلاً: “أعاني من الإعاقة في ساقي اليمنى، إضافة إلى إصابتي بتكسّرات الدم، مما أثر سلباً على الوضع الصحيّ العام وأصبحت عاجزاً عن القيام بأي عمل من أعمال الكسب، ولدي بنت في الشهر الثامن من العمر تعاني أيضاً من إعاقة بكلا الساقين أفقدتها الحركة، كما تعاني زوجتي ذات الـ(18) عاما، وتدعى: حنان محمد علي من إعاقة سمعية نطقية، وهي حامل في الشهر الرابع”.
اللافت أن الأسرة تعاني من وضع صحي مأساوي ومؤلم؛ إذ اجتاحت الإعاقة جميع أفراد العائلة ما بين حركية وسمعية نطقية، مما يستدعي رعاية صحية واجتماعية تتلاءم مع حياتهم المعيشية المؤلمة.
وبذات الصدد وقف الموقع على حالة مريم أحمد علي، ذات الأربعين عاماً، وهي أرملة ولديها (6) أولاد: ذكر وخمس إناث. تعاني “مريم” من إعاقة في رجلها اليمنى، وتقتات لها ولأولادها من خلال “التسوّل” وتعيش حياة مأساوية تعجز الأقلام عن وصفها.
كما وقف الموقع على وضع سالم عبده البالغ من العمر (18) عاما، وهو أعزب، يتيم الأب، تقوم على رعايته والدته ذات العقد الخامس والنصف، وتُدعى: سعيدة محمد خادم، يعاني “سالم” من إعاقة حركية بكلتا ساقيه، وقد أوضحت والدته قائلة: “ولدي سالم بحاجة إلى رعاية صحية وغذائية لتتحسن نفسيته وبنيته الجسدية، التي عجزت عن توفيرها له”.
وفي حديث مقتضب لـ”صوت المهمشين-نت” مع مدير صندوق تنمية ورعاية وتأهيل المعاقين “بشبوة” الأستاذ: شاكر محمد بارحمة، أفاد قائلا “يقدم الصندوق جملة من الخدمات للمعاقين؛ تدريبية وتأهيلية في مجال الصحة ومجال التعليم وتقديم أطراف متطورة، وقد تم تأهيل (15) معاقا قبل شهر ونصف بمدينة سيئون وتركيب أطراف لهم دفعةً أولى”.
وأكد بارحمة على وصول الدفعة الثانية من الأطراف صباح اليوم الجمعة الموافق 3 سبتمبر 2021م، ويبلغ عددها (15) طرفا، تم تركيب (11) طرفا في حين سيتم تركيب الثلاثة الأطراف المتبقية في اليوم التالي.
وأوضح أن الصندوق يستهدف جميع المعاقين سواء من المحافظة أم من بقية محافظات الجمهورية في حال تقدّم إلينا بطلب حسب الأنظمة المتبعة وسياسة الصندوق، كما أفاد قائلا: “قام الصندوق بعملية مسح قبل ثلاثة أشهر عبر اللجنة والتي نزلت من المقر الرئيسي بسيئون إلى شبوة لذلك الهدف”.
وصرح: “لم يكن فئة المهمشين على علم بنزول اللجنة سابقاً، إلا أنه بعد العلم والاطلاع تقدم إلينا عدداً منهم، وتم قبولهم، وسيُعاملون مثل غيرهم من فئات المجتمع دون تمييز أو تحيز”، وأكّد: “سيكون نزول للجنة مرة أخرى، وستعمل على المسح لاستهداف أكبر عدد من المعاقين بمن فيهم الفئة المهمشة” إلا أنه لم يحدد الأمر بزمن ووقت محدد للنزول.