بسطاء في مطالبهم، عظيمون بصبرهم وجلدهم, لهم آمال وتطلعات يحيكونها بمقدار حلكة معيشتهم وتجهم الجهات المعنية بحقوقهم وكأنهم في صراع من أجل الحياة, نفثوا معاناتهم وخطوا أمنياتهم التي لا تكاد تتعدى حق المساواة والعدالة المجتمعية..
البداية مع محمود رزق الله – أحد المهمشين السود في اليمن والذي قال لنا بابتسامة صفراء تخفي غصص ومعاناة : عندما نقوم – نحن – المهمشون السود بالمطالبة بحقوقنا من صحة وتعليم وعيش وتمكين أو الدفاع عن ظلم يحل بنا كان الجواب وللأسف الشديد من البعض (خادم وعاده يتكلم).!.
وتابع رزق الله متسائلا: هل معنى أن الله خلقنا سودا تكيلوا لنا الشتائم وتتعاملون معنا بمختلف الإهانات ولا يحق لنا حتى مجرد الكلام !! وكأننا خلقنا للأكل بل أكل فتات موائدكم إذا تفضلتم به علينا, نريد مواطنة متساوية فنحن عباد الله سواء –ما ذنبنا اذا كان لوننا اسود أو جرت على الزمن بأسوأ تجهماته، هل اللون ينهي حقوقنا كمواطنين هل لوني سبب تعاستي و تعاسة آلاف المهمشين !!
وأورد مثالا لبعض ما يعانوه من الظلم والتهميش قائلا : سيول المطر مرت من عند بيوت بعض الشخصيات الراقية في المجتمع وهذا الممر تاريخي للأمطار لكن تضررت منه جدرانهم الحديثة فأرادوا استحداث طريق إجباري بالحفر بواسطة جرافات يمر بجانب بيوت المهمشين والبسطاء من الناس الذين إذا سقطت (طوبة) لن يستطيع إعادتها إلا بمشقة فقمت ضاجا مستنكرا لأني أحد
المتضررين فهبوا في وجهي قائلين (خادم وعاده يتكلم تعلم كلمتين شاف نفسه بشر)!!
نريد تعويضا
علي نجيب أحمد الشرعبي – منذ سبع سنوات وأنا على هذه ( العربية ) هنا في الحصبة التي لم نسلم فيها من الاعتداءات والإهانات ناهيك من العديد الذين يبخسون بضائعنا ويتعاملون معنا بكل قسوة ودونية
مطالبا من المجتمع ان يكون منصفا وعونا للمهمشين من نيل حقوقهم وحمايتها لا ان يكونوا هم والزمن مصدر ظلم يصدر حقهم في الحياة والعيش الكريم!!
فرصة عمل
الأخ عبد الله عز الدين يعمل في سقاية المارة بمختلف العصائر والمشروبات يقول : كنت مغتربا في السعودية ولكن نتيجة الأوضاع الأخيرة المضطربة وتكلفة نظام الكفالة الباهظ الثمن عدت إلى اليمن ومع إنني خريج جامعي ومعي شهادة بكلريوس إلا أن طابور الانتظار لم يعد يجدي أمام الخدمة المدنية فلجأت إلى هذه المهنة التي لطالما نتعرض فيها للمضايقات والابتزاز.
وتابع عز الدين حديثه : ليس لدي طلب سوى إيجاد فرص عمل للشباب المهمشين خاصة أولئك المؤهلين وذوي الكفاءات منهم, لأنه من الظلم أن ينتهي كفاحنا العلمي إلى الرصيف !!
اعتداءات جسيمة
ومن جهته أوضح فتح الرحمن الجسار – رئيس نقابة المهمشين والباعة المتجولين : أن مطالب المهمشين تتلخص في إيجاد فرص عمل لهم وعندما ندعوا للمساواة فإنك تقيم العدالة التي لا تميل للجنس ولا للون ولا للمنطقة ولا تعرف أي نوع من أنواع العنصرية.
3.5مليون نسمة
تتباين تقديرات أعداد المهمشين في اليمن تبايناً جذرياً، وتتراوح بين 500 ألف إلى 3.5 مليون نسمة، يتركّزون في الأحياء الفقيرة المحيطة بمدن اليمن الرئيسية. وتُقدّر هذه الدراسة التي أعدها مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ان أعداد المهمشين بين 500 و800 ألف نسمة، أي نحو 1.6% إلى 2.6% من سكان اليمن.
واقع مرير
المهمشون لفظ مرير لواقع مؤلم يعكس مدى المعاناة التي تعيشها هذه الفئة في مختلف دول العالم. إلا أنه في الآونة الأخيرة تعالت الدعوات الحقوقية لدعم هذه الفئة ودمجها في المجتمع بكونها لبنة أولى نحو الإنصاف والعدالة الاجتماعية والجبر النفسي لها انطلاقا من الإنسانية التي لا بد أن تزيل كل الفوارق الطبقية والدونية.
الناشطة الحقوقية والكاتبة بلقيس علي السلطان تقول : لا بد من اطلاق برنامج وطني للعناية بأحفاد بلال بكونه يحمل أهمية كبيرة كون هذه الشريحة مهمشة ومنسية و تعاني من وضع معيشي بائس وصعب مقارنة ببقية فئات المجتمع ، والاهتمام بهذه الشريحة ودمجها في المجتمع وإعطائها حقوقها الدستورية والقانونية سيمثل نقلة للمساواة بين فئات المجتمع وجعل معيار التقوى والاستقامة وخدمة ومنفعة الأمة هو المعيار الأمثل لجميع فئات المجتمع.
واضافت أن الاهتمام بفئة المهمشين وتحسين مستواهم المعيشي سيقيهم من أن يكونوا عرضة للاستغلال في مجالات التخريب والسرقة و التسول وغيرها من أساليب الاستغلال، وكذلك على المستوى الصحي فمستوى معيشتهم وسكنهم يجعلهم عرضة للأمراض والأوبئة المختلفة.
أحداث عنصرية
وترى السلطان أن هذه الخطوة الهامة تأتي في ظل أحداث العنصرية التي تشهدها بعض الدول الكبرى وفي مقدمتها أمريكا التي تنادي بالحرية والمساواة في حين يشهد العالم مشاهد مؤلمة وتمييزاً عنصرياً ضد من يسمونهم (بالسود) يعكس مدى التهميش والاستهزاء بهذه الفئة، مبينة إن هذا إن دل على شي فإنما يدل على الفرق بين مبادئ الإسلام السامية التي تدعو إلى العدل والمساواة بين جميع أطياف الناس قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}.
وأوضحت السلطان إن الاهتمام والاحتواء لهذه الفئة بالإمكانيات المتاحة سيمثل خطوة هامة في طريق البناء للوطن واستغلال طاقاتهم في إعمار وبناء الوطن.
إستراتيجية طويلة
وأما الناشط والكاتب الصحفي محمد صالح حاتم فيقول من جانبه إن هؤلاء المهمشين فئة كبيرة ومهمة في المجتمع، وينتشرون في معظم محافظات الجمهورية، ولكن وللأسف الشديد فقد تعرضت هذه الشريحة للتهميش والإقصاء من قبل الحكومات السابقة بل إنه في بعض المحافظات كانوا عبارة عن عبيد وخدام يعملون عند المشائخ والمتنفذين مقابل لقمة العيش ،وظلوا هكذا عدة عقود من الزمن عمال وخدام للشخصيات النافذة في القبيلة والمنطقة جيلا بعد جيل كما كان في محافظات حجة والحديدة وفي السنوات الأخيرة تعمدت هذه الحكومات أن تجعل من هذه الشريحة فئة منبوذة ومعزولة في الشعب،وذلك من خلال عزلهم في مساكن خاصة بهم ،وتدريس بعض من أبنائهم في مدراس مخصصة لأبناء هذه الفئة ،حتى أنه تم بناء مسجد وقسم شرطة مخصص لهم في ما يعرف بمدينة العمال بسعوان، وقد تم ايكال وتخصيص مهنة النظافة على أحفاد بلال، وهو ما جعلهم يشعرون بالنقص في المجتمع.
وبين حاتم أهمية العمل على وضع إستراتيجية طويلة الأمد لدمجهم وإشراكهم في كافة نواحي الحياة ، نابع من روح الإيمان وتعاليم ديننا الحنيف،الذي جاء ليساوي بين البشر لافرق بين عربي ولا أعجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بتقوى الله.
متطلعا أن يتم دمجهم في كافة مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والدينية ، وأن يتم فرض التعليم عليهم وتشجيعهم على التعليم وتقديم حوافز مالية بهدف الالتحاق بالمدارس والمعاهد والجامعات ، وتخصيص مقاعد سنوية في الكليات العسكرية والجامعات الخاصة، وكذا تخصيص درجات وظيفية لهم سنويا في كافة المؤسسات والدوائر الحكومية، وأن يتم توزيع مساكن لهم في كافة المحافظات والمدن اليمنية وأن لايتم عزلهم في مساكن منفردة كما هو حالهم في مدينة العمال بسعوان.
احدى المواد المتقدمة لمسابقة “صوت المهمشين” – اليمن الاخباري