في محافظة تعز جنوب شرق اليمن وفي مناطق النزاع وعلى خطوط التماس، يسكن غالبية المُهمشين من ذوي البشرة السوداء، الأمر الذي جعلهم في مرمى نيران الأطراف المتحاربة، وقد حصدت الحرب الدائرة في المدينة كثيرا من أرواح هؤلاء المدنيين، إلا أن أكثر الضحايا هنّ النساء؛ إذ كُنّ فريسة سهلة لألغام المضادة للأفراد.
لا تزال قصة الحاجّة نور الدهبلية (86 عاما) في أذهان أبنائها وأحفادها وجميع أهالي منطقة الوادي الجديد شرق المدينة. يقول الناشط المجتمعي عبده على الدعيس (26 سنة): “في صباحٍ من منتصف عام 2017، فوجئنا بانفجار لغم أرضي بأحد الأودية في المنطقة، لنكتشف لاحقاً بأن ذلك الانفجار كان قد مزّق جسد تلك المُسنة إلى أشلاء أثناء ما كانت تجمع الحطب وترعى الأغنام. كان الموقف صعبا ونحن نقوم بجمع أشلاء جسدها المتناثر ودفنها، وبرغم بشاعة الحادثة لم تجد أسرتها أي مساعدات من السلطات المعنية أسوة ببقية أهالي الضحايا المدنيين ولم تجد أي تفاعل منهم، وهذا تمييز عنصري وعنف آخر يمارس ضد النساء المُهمشات”.
غياب الرعاية الصحية وإقصاء من السلطات
يغيب دور الدولة بشكل كلّي في تقديم الرعاية الصحية وجبر ضرر ضحايا الألغام من النساء المهمشات، فحالهن لا يُقارن بغيرهن من غير المهمشات اللاتي يحصلن على الرعاية الصحية والمساعدات النقدية والأوسمة العسكرية التي تقدمها السلطات.
فتحية صالح محمد بن محمد (26 عاما) متزوجة وأم لخمسة أطفال بُترت قدمها اليسرى بعد أن انفجر بها لغم مطلع شهر إبريل 2016 مع شقيق زوجها بعد أن حاول إنقاذها. تحكي فتحية: “كنتُ ذاهبة إلى الجبل لجلب الحطب، فانفجر بي لغم جوار مدرسة علي بن أبي طالب، وتسبّب ببتر قدمي اليسرى، وعندما حاول شقيق زوجي إنقاذي، انفجر به لغم آخر وفقد قدمه اليسرى، وأُسعفنا الي المستشفى ورُكّبت لنا أطراف صناعية رديئة”.