ما الفرق بين الحميات الفيروسية وحمى كورونا؟

لم تكُن أعراض حمى الضنك سهلةً على الشاب العشريني موسى فرحان، وفاقت الحد الذي كان يتخيله، على الرغم من أنه ما يزال في أوج شبابه وقدرة جسمه على تحمل الأمراض كما يقول، وقد نجا من الوباء بأعجوبة. ويضيف: “أُصبت بحمى شديدة عانيت منها يومين، وما قدرت أتحمل، وأسعفوني للمستشفى، وعند إجراء الفحوصات، قالوا إنها حمى الضنك، وكانت هدأت حينها ورجعت المنزل، لكن سرعان ما عادت في اليوم التالي بقوة، وأعادتني معها مجددًا إلى المستشفى”.

كان موسى، الذي يعيش في مدينة تعز، يظن أن حمى الضنك ذهبت بهذه السرعة بعد أن تلقى الأدوية والمهدّئات، لكن أعراضها اشتدت عليها وأقعدته في السرير، ليرقد في المشفى لخمسة أيام تحت رحمة المغذيات. ويتابع: “تعبتُ جدًا، ولم أكن قادرا على التحرّك. كنتُ أشعر بحمى شديدة لا ترحم وبآلام بالمفاصل وبمنتصف الظهر، بقيت راقدا على العلاجات والمغذيات إلى أن تعافيت نسبيًا”.

هكذا لخص موسى حكايته مع وباء حُمّى الضنك الذي أُصيب به قبل فترة قصيرة، وتلك الأعراض تتشابه مع الحميات الفيروسية التي يسببها أيضًا بقية الأوبئة كالملاريا والشيكونغونيا المعروف محليًا “بالمُكَرْفِس”، لكن كيف نفرّق بين أعراض هذه الحميات وأعراض فيروس كورونا؟

الحميات وكورونا

أوجه التشابه كبير وواضح بين الأعراض والمضاعفات الصحية الناتجة عن الحميات الفيروسية، لكنها تختلف عن أعراض فيروس كورونا الذي يستهدف مباشرة الجهاز التنفسي، بحسب مشرف مركز الحميات في مستشفى الجمهوري الحكومي بمدينة تعز الدكتور عز الدين مُثنّى.

وفي حديث مثنى لصوت المهمشين يقول: “إن المرضى المصابين بالحميات الفيروسية تكون لديهم أعراض معروفة، مثل الشعور بحمى شديدة وآلام في المفاصل وصداع وغثيان وقيء، لكن الحمى التي يسببها كورونا لا تكون بنفس حدة تلك الحميات”.

ووفق مثنى، تكون حمى كورونا أخفّ قليلاً من الحميات الفيروسية، ويصاحبها تعب وآلام في المفاصل، وأعراض أخرى تتركز على الجهاز التنفسي بدرجة أكبر، مثل جفاف الحلق والسعال والإصابة بالالتهابات الرئوية الشديدة عندما يدخل مصاب كورونا بمضاعفات صحية.

وهنا، يحكي المواطن محمد عبد الجليل أنه عندما أُصيب بفيروس كورونا وقت تفشيه عام 2021، تعرض لحمى صاحبتها آلام في المفاصل وكذلك الحلق والسعال الجاف، لكن سرعان ما كان يسيطر على تلك الحمى بالمهدئات والعلاجات.

ويذكر محمد أنّ الحمى لم تدم طويلًا على الرغم من أن بقية أعراض الفيروس ما زالت تراوده حينها، لكنه استطاع، وفق حديثه، أن يرفع من مستوى مناعته بالتغذية والعلاجات وتجاوز أزمة كورونا، وهنا يبدو الأمر واضحًا، فقد يستطيع المرء أن يفرق بين الحمى التي يسببها كورونا وبين الحميات الفيروسية ويتجنب الخلط بينهما.

تعز.. متصدرة الأوبئة

تتصدر مدينة تعز قائمة وزارة الصحة العامة والسكان التابعة لحكومة عدن، في إحصائية الأوبئة والحميات؛ إذ، وفقًا للموقع الإلكتروني للوزارة، بلغت حالات الإصابة المسجلة لمصابي وباء الملاريا خلال 2021 – 2023، نحو 164 ألف و483 حالة إصابة، كان لتعز منها 68 ألفا و809 حالة، وهي الأعلى من بين المحافظات المحررة.

أما بالنسبة لوباء حمّى الضنك، فقد بلغت الحالات في تلك المحافظات خلال 2020 – 2023، نحو 83 ألفا و981 ألف إصابة، توفي منها 199 حالة، وتصدرت تعز المحافظات فيها بعدد 33 ألفا و964 حالة إصابة و21 حالة وفاة، حتى الآن.

وخلال الأربعة الأشهر الماضية من هذا العام الجاري، أي من بداية يناير حتى نهاية إبريل، سجّل مكتب الصحة بمدينة تعز في إحصائية خاصة، نحو 6 آلاف و600 حالة إصابة بالملاريا، منها 3 آلاف حالة مؤكدة، وبحمى الضنك، سجل ألفين و249 حالة إصابة.

وفي هذا الشأن، يؤكد الدكتور مثنى أنه في الفترة الأخيرة تصلهم إلى مركز الحميات كثير من الحالات المصابة بحمى الضنك والملاريا والشيكونغونيا وحمى غرب النيل كما أثبتت الفحوصات المخبرية، وهذه الأوبئة والحميات تنقل عدواها حشرة البعوض بدرجة رئيسية. ويشير إلى أن أغلب الحالات المصابة بالحميات الفيروسية تصل إلى قسم الطوارئ بالمستشفى، لكن الحالات التي بدأت تدخل في مضاعفات صحية شديدة تُنقل إلى مركز الحميات الذي يرقد فيه حاليًا كثير من المرضى.

ويوضح مثنى أن الحالات التي تدخل في مضاعفات إما أن تكون تعاني من أمراض أخرى غالبًا مزمنة وتزداد حدة تأثير الحميات عليها باشتداد الحمى وانخفاض صفائح الدم، وإما أن تكون قد ظلت لأكثر من أسبوع في المنزل ولم تتلقَ الرعاية الصحية اللازمة.

ناقل العدوى

تنتشر حشرات ويرقات البعوض في أحياء مدينة تعز بشكل كبير متسببة بنقل عدوى الأوبئة والحميات من الأشخاص المصابين بها من السكان إلى الأشخاص الأصحاء، ويعود ذلك إلى تواجد المستنقعات ومخلفات القمامة التي تعمل على تجميع مياه الأمطار.

وفي هذا الجانب، يقول مسؤول الترصد الوبائي في مكتب الصحة بالمدينة ياسين عبد الملك: “إن حالات الإصابة بأمراض الأوبئة والحميات تنتشر في هذا الوقت بشكل كبير مع هطول الأمطار الموسمية التي تملأ المستنقعات بالمياه”.

وبحسب عبد الملك، تشكل المستنقعات والمخلفات بؤرا رئيسية لتكاثر البعوض، وبالتالي يستمر في الانتشار حاملاً عدوى الأمراض للسكان، مشيرًا إلى ضرورة أن تُردم تلك البؤر ويُتخلص منها.

ويذكر عبد الملك أن تخزين مياه الأمطار في أوعية مكشوفة أيضًا يشكل بؤرا للبعوض، ويوصي المواطنين بتجنّب تخزين المياه بتلك الطريقة والعمل على تغطيتها وعدم ترك أي أماكن يتجمع فيها المياه مفتوحة.

المقالة التالية
تعاطي القات يفتك بصحة النساء وأطفالهن
المقالة السابقة
ندرة العسل اليمني… الدوعني ودم الأخوين أنموذجا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

مقالات مشابهة :

الأكثر قراءه

━━━━━━━━━

كتابات

━━━━━━━━━