إياد البُرَيهي,مارب
تعاني كثير من الأسر المهمّشة القاطنة في مدينة مأرب بمخيمات النازحين مِن أضرار الحرب والنزوح والتشرد. هربَ المهمشون من نار الحرب ليجدوا أنفسهم بين النيران، فحرائق المخيمات حربٌ أخرى يواجهها المهمشون، وكارثة تفتك بهم وتؤرّق حياتهم.
يقول محمد عمر أحد المهمشين النازحين من محافظة حجة لصوت المهمشين: “كنتُ أتغدّى مع أطفالي وقت حرارة الشمس، وفجأة سمعت أصواتا من الخيام المجاورة، تنادي بالحريق، فأخرجت أطفالي وعائلتي تاركاً كل ممتلكاتي، حتى التهم الحريق أغلب الخيام”، ويضيف محمد عمر بحسرة وألم: “كنتُ أشاهد خيمتي تحترق أمام عيني. حاولت إطفاء النار لكن لا جدوى، وكنت عاجزا تماماً عن إخراج أبسط ممتلكاتي”.
ويؤكد محمد عمر أنه وأطفاله يلتحفون السماء ويفترشون الأرض بين حرارة الشمس والغبار، ولا مجيب لدعواتهم المتكررة. ويتساءل محمد: “كيف لي أنا أشتري خيمة وأنا عاجز عن توفير القوت الأساسي لي ولأطفالي؟! هذه مهمة مستحيلة”.
تجاهل المنظمات
يستغرب محمد من تجاهل المنظمات وصمتها تجاه ما يحدث، ويضيف: “خبر الحريق انتشر في كل وسائل الإعلام، وسمع به كل العالم، إلا المنظمات عندنا لم تسمعه”، ويؤكّد أن المنظمات لم تبادر بأي حلول، وأنها عنصرية، “لأننا مهمشون! وما ذنبنا إن خلقنا الله بهذه اللون ووضعنا في هذه الظروف؟!”، ويضيف محمد عمر: “تحصل مثل هذه الحوادث، فيتعاطف الناس، وتعوّض المبادرات المجتمعية عادة، لكن أمر المهمشين مختلف”.
حقائق قاسية
يعاني كثير من المهمشين وعوائلهم في العراء بعد احتراق خيامهم، ويجدون صعوبة في الحصول على خيمة ومأوى، وتستمر معاناتهم ومشاكلهم بدون حلول، وأكّدت إحصائية سابقة صدرت عن الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب خلال النصف الأول من هذا العام – وفاة وجرح 24 نازحا جراء 61 حادثة حريق، وتضرر واحتراق 161 خيمة.
مصممون على البقاء
تعيش الأسر المهمشة النازحة في خيام بسيطة غير عازلة للطقس الحار أو البارد. يقول أحمد فتَيني النازح من محافظة الحديدة لموقع صوت المهمشين: “نحن نزحنا من الحرب لننجو بأطفالنا، ونحاول البقاء في ظروف صعبة. أصبحت الحياة شاقة لا تحتمل، ولم ننجُ من الاتهام، فيقال إننا نحرق المخيمات بأنفسنا لنحصل على الدعم والتعويض مِن المنظمات، وهذا كلام لا يقوله إلا مَن فقد صوابه”. ويضيف فتيني: “نحن –المهمشين- أكثر فئة تضرّرت ودفعت فاتورة الحرب بالنزوح والتشرد، ليس لنا مسؤول في الدولة، وليس لنا وظائف، ولا نمتلك قطعة أرض”.
أزمات متلاحقة
رئيس اتحاد المهمشين “محمد البليلي” يذكر أن المهمشين في المحافظة يواجهون صعوبات كثيرة، بداية من توفير لقمة العيش، مروراً بانعدام بعض الخدمات الضرورية، إلى كارثة الحرائق، وهكذا يصبح المهمشون وأسرهم في العراء بدون مأوى. وأضاف: “نعمل جاهدين كي نعيد الحالة الطبيعية للأطفال المهمشين الذين مرّوا بتجارب رهيبة”، واستغرب البليلي من الصمت الذي خيّم على المنظمات الإنسانية، وأن بعضها يغض الطرف عن المهمشين وكأنهم ليسوا بشرا. وأكد البليلي أن ما تروّج له بعض المنظمات من إنجازات بالمواقع الإلكترونية غير ملموس في الواقع وأوهام.
بدورة أكّد سيف مثنى مدير عام الوحدة التنفيذية لإدارة مخيم النازحين في مأرب أن الحرارة المرتفعة في المحافظة وضغط الكهرباء على شبكات التوصيل الضعيفة والعشوائية – أسباب رئيسية لاشتعال الحرائق، بالإضافة إلى تقارب المساكن، كما أنها خيام من الخرق والقش مواد أخرى سريعة الاشتعال. ودعا مثنى المنظمات المحلية والدولية والجهات المانحة إلى إيجاد حلول وبدائل للمخيمات المعرضة للحرائق والكوارث الطبيعية، وإلى إيجاد حلول ومساكن طارئة لمن فقدوا خيامهم.
وذكر صاحب التقرير أنه يجب، لتجنب كوارث الحرائق، أن تكون هناك مبانٍ ومساكن مناسبة وغير متقاربة تُوزّع بحسب معايير معروفة، مع عمل مطابخ خارج المساكن، والتوصيل السليم للتيار الكهربائي، إضافة إلى توفر أدوات السلامة، ومنها طفايات الحريق داخل المساكن.
وستظل حوادث الحريق مستمرّة، ومعاناة النازحين دائمة، وستظل معها الخسائر البشرية والمادية ما لم تُزل المخاطر وتحلّ كل أسباب الحرائق.