إياد البريهي
فاتن إسماعيل حاسر مهمّشة وصلت مخيمات النزوح التي تقطنها مئات الأسر، فتُحرم من التعليم عمود الحياة. لم تثنها الظروف وكل ما يحدث عن تحقيق طموحها في القضاء على طبقة الجهل، خصوصاً بين المهمشين، والارتقاء بهم إلى مراتب يستحقونها. قررت فاتن فتح خيمة من بيت أبيها وأطلقت عليها “روضة اليرموك” التابعة للجنة الفرعية للإغاثة محافظة الجوف برئاسة المهندس عبد الله الحاشدي وبالتنسيق مع مكتب محافظة مأرب.
تقول فاتن: “لن يعفيني ضميري وأنا أرى مستقبل الأطفال يموت بدون عزاء، فسخّرتُ كل ما أملك لمقاومة الجهل، ولا أسمح بتسرب المهمشين من المدرسة إلى الأسواق والشوارع”، وتضيف: “جلستُ مع أهلي وشرحتُ لهم هذه الكارثة المستقبلية، فتجاوبوا معي وشجّعوني أكثر، وتعاونت معنا السلطة المحلية بمحافظة الجوف، ودعمونا بالوسائل التعليمية والهدايا للطلاب وتكريمهم باحتفالات تليق بهم كأطفال يمنيين”. وتؤكد فاتن أنها في قمة الراحة والسعادة عندما تقف أمام الأطفال تلقّنهم الآداب وتعلمهم الحروف، وتؤهلهم استعدادا للمرحلة الأساسية في المدارس الحكومية.
مفضّل الجدي مدير مدارس روضات سبأ يقول: “بدورنا نشجع العملية التعليمية بين كل اليمنيين بشكل عام، وبين المهمشين بشكل خاص، وواجبنا الوقوف معهم والإمساك بأياديهم ليصلوا إلى أمنياتهم”، ويضيف: “نحن فتحنا عدة مدارس، فوجدنا تفاعلا كبيرا، وفاتن إحدى المعلّمات التي فتحت منزلها وغيرها كثير، وهدفهم دمج شريحة مهمّشة وطمس الجهل بشكل كامل”، ويؤكد أنه سيبذل كل جهوده مع الجهات المختصة لدعم كل المدارس بالأدوات والمستلزمات المدرسية ليتمكنوا من استمرار العملية التعليمية.
أما إسماعيل حاسر، والد المعلمة فاتن، فيقول: “جزيل الشكر والاحترام للجنة الفرعية للإغاثة بمحافظة الجوف التي منحتنا فرصة لضمان مستقبل أبنائنا، حتى لا يقعوا في الغلط الذي وقعنا نحن فيه، ونريد تغيير نظرة المجتمع من حولنا، ونأمل مزيداً من الدعم والتشجيع”، ويضيف: “عندما شاهدتُ الشغف في ابنتي فاتن تجاه تعليم المهمشين، قررتُ منحها خيمة لاستيعاب الطلاب، وإذا زاد العدد، فأنا مستعد أن أعطيهم خيمة ثانية أوقات الدراسة، وهذا أقل مجهود يمكن أن نقدّمه، والأوضاع لا تخفى على أحد، وحال المهمشين أصعب بكثير، ونحتاج فتح عدة روضات بالمخيمات الأخرى”.
المهندس عبد الله الحاشدي رئيس اللجنة الفرعية للإغاثة -فرع الجوف يقول: “واجبنا نحن، المسؤولين والمواطنين، تشجيع العلم والتعليم وإعطاؤه النصيب الأكبر من الدعم وتلبية الاحتياجات، فنحن على معرفة أن الجهل كارثة تهدّد أمان المجتمع مستقبلاً”، ويؤكّد الحاشدي أن الأوطان لا يمكن بناؤها إلا بورقة وقلم، ويقول: “سنستمر في دعم العملية التعليمية، وسنلبي كلّ ما يحتاجونه، وخصوصاً فئة المهمشين، فكلنا إخوة وسواسية أمام القانون والدين والتعليم ليس حكراً على أحد”.
( أنتجت هذه المادة بدعم من منظمة “lnternews” ضمن مشروع “Rooted in trust” في اليمن)