تعرضت مساكن ومخيمات المهمشين خلال الأسابيع الماضية لدمار هائل جراء السيول والأمطار، في عدد من المحافظات اليمنية، وخاصة تلك التجمعات التي تركزت في أماكن مجرى السيول كما حدث مؤخراً في مدينة جبلة بمحافظة إب (وسط اليمن)، في ظل غياب السلطات او المنظمات لتقديم المساعدة.
ورغم ان السيول والفيضانات تسبب بأضرار كبيرة في منازل المواطنين وخاصة الشعبية منها، إلا ان المهمشين كانت معاناتهم مضاعفة لأن غالبية تجمعاتهم عشوائية وهي عبارة عن مساكن مبنية من القش والطرابيل وبعض القطع الخشبية، مما يجعلها مهددة بالانهيار حتى من العواصف المتوسطة.
وشهدت عدد من المحافظات اليمنية خلال الأسابيع الماضية موجة فيضانات شديدة تسببت بدمار كثير من مخيمات النازحين، بالإضافة إلى انهيارات في المنازل كلية وجزئية، ووفاة العشرات جراء السيول، ومازالت معاناة الكثير من السكان مستمرة ومنهم المهمشين، الذين يعدون من الفئات الأشد فقراً في اليمن.
نداءات استغاثة
أطلق مهمشون في مدينة جبلة بمحافظة إب، نداء استغاثة بمساعدتهم بعد أن جرفت سيول الأمطار الغزيرة مساكنهم العشرات منهم خلال الأيام الماضية، وطالبوا بتوفير أدنى متطلبات الحياة بعد فقدانهم مساكنهم والعيش بالعراء.
وقال سكان لـ “صوت المهمشين”، إن سيولاً جارفة جراء أمطار غزيرة شهدتها مدينة إب، جرفت مساكن عشرات المهمشين القريبة من مجرى السيول في منطقة “مفرق جبلة”، وجعلتهم بلا مساكن، فيما لجأ الأطفال والنساء إلى مدرسة “الشهداء” القريبة من منطقة تجمعهم”.
وأطلق المتضررون من المهمشين، استغاثة لتوفير أداوت المأوى والغذاء كونهم أصبحوا يتنقلون بشكل عشوائي للبحث عن مأوى وطعام، في ظل غياب أي تدخل انساني من سلطات الحوثيين في المحافظة، بعد أن خلفت سيول الامطار معاناة كبيرة في أوساطهم.
وأفاد السكان “أن السيول جرفت المساكن وتجمعات الصفيح بشكل كلي ولم يكن هناك أي فرصة للبقاء، حيث استطاع المهمشون مغادرتها قبل ان تداهمهم السيول في لحظات عصيبة مرت عليهم لإنقاذ الأطفال والنساء من الموت المحقق”.
مواجهة الجوع والمجهول
في لحظة الهروب من الموت كان المجهول هو القادم للمهمشين الذين فقدوا مساكنهم وحياتهم اليومية التي اعتادوها، حاليا يعيشون في مهمة شاقة للبحث عن حياة توفر لهم متطلبات العيش اليومي الطبيعي، في مواجهة احتياجات معقدة، أين سينامون؟ هل هناك فرش أو بطانية؟ هل سيأكلون اليوم؟ من سيساعدهم؟
أسئلة بأدنى متطلبات الحياة مزعجة للشابة الثلاثينية “سلمى” والتي أصبحت نازحة في مدرسة حكومية ولن يدوم هذا السكن حتى مقراً للنزوح، وقالت: “نعيش بمدرسة في انتظار فرش وبطانيات وغذاء لكن لم يأتي شيء، ولا يمكن أن نستمر بالعيش في المدرسة لأننا نشكل ازمة على الطلاب الذين يدرسون”.
وأضافت في حديث لـ”صوت المهمشين”، لا أحد يرغب بمساعدتنا لأننا مهمشين في الأساس ولسنا من ضمن اهتمام المسؤولين حتى المنظمات الانسانية، لا نبحث عن منازل نريد بطانيات وفرش ومكان مؤقت حتى تتوقف الامطار نعود الى مكان مسكنا السابق.
في الغالب تبقى متطلبات المهمشين متواضعة للغاية، في انقاذهم بإغاثة عاجلة، في الوقت لا يكترث المسؤولين عن حلول جذرية لمعاناتهم في المساكن بمجاري السيول، حيث تتكرر المأساة السنوية مع موسم الامطار جرف تجمعاتهم السكنية المتهالكة، او حتى خراب بعضها التي ليست بالقرب من مجرى السيول.
وتعيش اليمن حرباً للعام الثامن على التوالي تسبب بمعاناة إنسانية واسعة وانعدام سبل العيش، وتوسع رقعه الفقر حيث يحتاج نحو 20 مليون يمني إلى مساعدات انسانية، وفقا لتقارير أممية، ويعيش المهمشين تحت خط الفقر حتى قبل الحرب مما يجعل معاناتهم هي الأسوأ في اليمن.
تحذيرات من الأوبئة
حذّرت منظمة “أوكسفام” الدولية، الأحد 4 سبتمبر/ أيلول الجاري، من انتشار الأوبئة في اليمن، جراء الأمطار التي تضرب اليمن منذ منتصف يوليو الماضي، وقالت في بيان “منذ منتصف شهر يوليو شهد اليمن هطول أمطار غزيرة وفيضانات واسعة النطاق مما أدى إلى تدمير سبل العيش والمأوى والمحاصيل والمؤن الغذائية لآلاف الأسر اليمنية”.
وأضاف: “هناك تنامي قلق كبير بشأن مخاطر الأوبئة واحتمالات انتشارها، مثل الكوليرا والملاريا والدفتيريا – وهي حالات شائعة الحدوث بعد مواسم الأمطار المعتادة”، وتشيع هذه الأمراض في أوساط المهمشين نتيجة البيئة غير الصحية التي يعيشون فيها، وتكدس المياه الراكدة بالقرب من مساكنهم بشكل دائم وتزداد مع هطول الأمطار الموسمية.
من جانبها قالت منظمة الصليب الأحمر الدولية “أن من مخاطر انعدام الأمن الغذائي المتزايد، وانتشار الأمراض والأوبئة، بفعل الأمطار زادت من عوامل انهيار نظام الخدمات الأساسية في اليمن، بما في ذلك المياه وأنظمة الصرف الصحي ونظام الرعاية الصحية الهش”.
وأدت الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى زيادة انتشار الأمراض الموسمية والأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا وحمى الضنك والملاريا، التي لا تزال تحصد الأرواح، وفقا للصليب الأحمر. وقتل ما لا يقل عن 90 شخصا، بينهم أطفال، في جميع المحافظات اليمنية.
وفي أغسطس الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، تضرر أكثر من 36 ألف أسرة غالبيتهم من النازحين، جراء الفيضانات الأخيرة التي ضربت اليمن، والتي أدت إلى “تدمير الممتلكات وسبل العيش، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية الحيوية مثل الطرق، وتسببت بخسائر في الأرواح في بعض المناطق، غالبيتها في مواقع ومخيمات النزوح.
تصوير/ عبدالواحد السمّاعي