نفّذ المجلس الوطني لحقوق الأقليات في اليمن ندوة فكرية إلكترونية عبر برنامج “زووم” في تمام التاسعة من مساء الخميس الموافق لـ28 أبريل 2022، وكانت بعنوان “الأقليات في اليمن في ظل التغيرات السياسية، وتطلعات المستقبل”.
أدار الندوة الأمين العام للمجلس الوطني الأستاذ وليد عياش، فيما قدم أوراقها كلٌ من الأستاذ نعمان الحذيفي عن فئة المهمشين، والأستاذ عبد الله العلفي عن فئة البهائيين، والحاخام يوسف موسى عن فئة اليهود، وشارك كل من الأستاذ مشير الخليدي بورقة عمل بعنوان “حقوق الأقليات.. التطلّعات والواقع”، وقدم الأستاذ العبيد أحمد ورقة عمل تضمنت طبيعة المطالب الحقوقية للأقليات.
افتتح الندوة الأستاذ العبيد أحمد الممثل السابق للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وقد أوضحت ورقته أن المطالب الحقوقية للأقليات لا تتعدى مساواتها ببقية أفراد المجتمع اليمني في إطار الدولة والقانون، وأضاف العبيد أن التزامات اليمن الدولية التي تؤكد من خلالها على حقوق الأقليات تُلزم الدولة بتوفير هذه الحقوق، ثم أوضح بعض المفاهيم مثل مصطلح الأقليات، وهي مجموعة من أفراد المجتمع تمتلك خصوصية ثقافية ودينية شكليًا وضمنيا، وقال إن الأهم هي نظرة الناس لهذا المفهوم، وقد أشاد بالضمانات الدستورية للأقليات، واعتبر وجودها عاملًا إيجابيًا للأقليات، وأكّد بقوله: “إن حماية الأقليات تتطلب تغيير مفاهيم اجتماعية موجودة؛ لأنها مصدر تعرض هذه الأقليات للاضطهاد والظلم، ومع ذلك فالدولة ملزمة ببذل مجهود أكبر لتمكين الأقليات على جميع المستويات.
انتقل الحديث إلى الحاخام يوسف موسى، وقد قدم ورقة بعنوان “اليهود في اليمن بين الواقع وآمال المستقبل”، ذكر فيها يوسف أن الأقليات في اليمن كانت وما زالت أكثر الفئات التي تدفع ثمن الصراعات عبر التاريخ وحتى يومنا هذا، وشدد على ضرورة استكمال إجراءات اعتماد المجلس لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، ليتمكن من القيام بواجبه في الدفاع عن حقوق الأقليات، وتمكينها سياسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا وتعليميًا.
كما دعا الحاخام يوسف أعضاء مجلس القيادة الرئاسي إلى ضرورة إشراك الأقليات في عملية إنقاذ اليمن، وتفعيل قدراتهم المدفونة لصالح البلاد، واعتبر قرار إنشاء هذا المجلس بذرة أمل لإعادة ترتيب الأوراق اليمنية، وأن ما سبق هذه المرحلة من إرهاصات ولدت هذا الواقع الصعب، وختم يوسف حديثه نيابةً عن أبناء الديانة اليهودية في اليمن بتجديد العهد على الوفاء للأرض اليمنية والولاء للحكومة اليمنية، في سبيل نهضة اليمن أرضًا وإنسانا.
تلا الحاخام يوسف موسى بالحديث الأستاذ عبد الله باشراحيل، وقدم ورقة بعنوان “المولّدون اليمنيون بين الواقع والطموح”، نذكر أبرز ما جاء فيها “يجب علينا كأقليات دعم المجلس الرئاسي على جميع المستويات، ونحن قادرون على صناعة الفارق ببذل الطاقات والجهود لصالح أبناء اليمن الذين يشكلون جزءًا منه في حدود القانون”.
وأضاف أنه يأمل من الرئيس رشاد العليمي تفهم موقف المولدين والأقليات وحرصه الشديد على مصالحهم بوصفها جزءا لا يتجزأ من المجتمع اليمني، واثقا بمستقبل أفضل للأقليات في عهد المجلس الرئاسي اليمني تعويضا عن الظلم والإقصاء الذي عانت منه كثيرا.
ثم تحول الميكرفون للأستاذ نعمان الحذيفي رئيس الاتحاد الوطني لحقوق المهمشين في اليمن، ومما جاء فيها أنه على الرغم من الكثافة السكانية وارتباط المهمشين ببقية أفراد المجتمع دينيًا وثقافيا، ما زالت النظرة المجتمعية تُقصي المهمشين من ذوي البشرة السوداء، وترفض الانصهار معهم بمصاهرتهم مثلا، وذلك لعدة عوامل منها الإرث الثقافي القائل إن المهمشين من بقايا الغزو الحبشي في اليمن.
وأوضح الحذيفي أن المهمشين جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمعي اليمني، كما أبدى أسفه تجاه تعامل الدولة مع المهمشين بوصفهم خطرا يهدد أمنها، واعتبار أن المنظمات التي تدعم قضية المهمشين كثيرا ما تهتم بتأجيج الصراع، وهذا الكلام عارٍ عن الصحة حسب قوله.
وقال الحذيفي في معرض حديثه عن قضية المهمشين: “نحن بحاجة لبرامج أكثر فاعلية للاعتراف بقضية المهمشين وسن القوانين التي تجرّم كل مظاهر العنصرية، وبحاجة أيضا لمحكمة مختصة بالتمييز العنصري، وكذا تبني استراتيجيات وطنية حقيقية تؤازر الفئات المستضعفة وتضمن حقوقهم.
وأوصى الحذيفي الحكومة بتقديم الدعم المادي والفني في سبيل الاعتراف بالمجلس الوطني للأقليات في اليمن هيئةً شرعيةً تمثل الأقليات على مستوى اليمن.
وقدم الأستاذ عبد الله العلفي ورقة تمثل البهائيين في اليمن، واعترف -آسفًا- بأن الكراهية متغلغلة تجاههم في المناهج التعليمية، وبالإقصاء الممنهج والتضييق الديني، واعتبارهم مرتدين بدلا عن اعتبارهم ذوي ديانة خاصة بهم مثل اليهود والمسيحيين، وقد واجه البهائيون تُهما كثيرة من دون دليل منطقي حسب قول العلفي.
حضرت الندوة من الأردن الأستاذة نسرين أختار خافاري، وقالت إن الندوة أبرزت جهودًا رائعة وضرورية للوصول إلى مجتمع ديمقراطي عادل يضمن حقوق الجميع بغض النظر عن المرجعيات الدينية والاقتصادية وغيرها.
يذكر أن إشهار المجلس الوطني للأقليات في اليمن كان يوم الاثنين الموافق 21 من مارس 2022، ويضم خمس أقليات حتى اليوم، ثلاثا دينية: اليهود والمسيحيين والبهائيين، وأقليتين اجتماعيتين: ذوي البشرة السوداء والمولّدين.