الطموح السياسي للفئات المهمشة وآثار التمييز

من المعروف أن الفئات الأكثر فقرا (المهمشين) في اليمن تعاني من ارتفاع نسبة الأمية في أوساطهم؛ إذ تصل إلى 92%، فهي فئة أمّيّة غير قادرة على مواكبة التطور السياسي والديمقراطي في البلد. هذا على مستوى العموم وعلى مستوى الخصوص، المهمشون في اليمن البالغ عددهم 3.500.000 نسمة وفق إحصائية الأمم المتحدة، والحاضرون في عموم اليمن وفي مختلف الدوائر الانتخابية، نمت لديهم فكرة الوعي السياسي نسيبا مع العمليات الديمقراطية التي حدثت في اليمن منذ عام 1990م من خلال الانتخابات المحلية والبرلمانية، وبإدراك المتعلمين منهم والشخصيات الاجتماعية أساليب الاستغلال السياسي الذي حدث لهم بأصواتهم الانتخابية والتي كانت مرجحة في 57 دائرة انتخابية، إلا أن الاستغلال السياسي وتدني الوعي السياسي لديهم كان السبب في عدم تمكنهم من إيصال عضو واحد على الأقل في البرلمان لتمثيلهم وإيصال أصواتهم للعالم والسلطات التنفيذية، القضائية، المحلية.

بالإضافة إلى التفكيك الممنهج في أوساطهم من قبل المتنفذين والمتعنصرين، هناك تواطؤ واضح من قبل السلطات المتعاقبة منذ زمن طويل، حتى لا يصبح لهذه الفئة الاجتماعية ممثلون في السلطات التنفيذية أو في مجلسي النواب والشورى، بسبب النظرة الدونية والموروث الاجتماعي. الأمر الذي جعل كثيرا من القيادات النشطة تسعى للانضمام إلى بعض الأحزاب المعروفة في البلد متطلعين للحصول على حقوقهم السياسية مثل بقية أبناء المجتمع لكن دون جدوى، فما زالت النظرة العنصرية تلاحقهم حتى داخل بعض الأحزاب السياسية التي يُفترض أن تكون هي الحامل الحقيقي لحقوقهم السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية لتحقيق مبدأ المواطنة المتساوية الموضوعة في برامجهم السياسية دون تطبيق.

أيقن الناشطون السياسيون من فئة المهمشين يقينا مطلقا أن معظم الأحزاب السياسية الموجودة في الساحة لا تحمل مشروعا حقيقيا للمهمشين للوصول بهم إلى نيل حقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية، فكان لا بد على النخبة السياسية من فئة المهمشين، ومعهم الأحرار الذين تخلّصوا من الموروث الاجتماعي والعنصري، التوجه نحو التفكير الجدي في تشكيل مكون سياسي (حزب سياسي تحت التأسيس) يعبّر عن طموحهم السياسي ويناهض العنصرية والتمييز الاجتماعي الممنهج منذ قرون، ويحمل غاية نبيلة يسعى الجميع إلى تحقيقها في وطننا السعيد.

أهمية الوعي السياسي

رفع الوعي السياسي للفئات المهمشة يُعدّ هدفا استراتيجيا لكافة ممثلين الفئات المهمشة ذكورا وإناثا في الداخل والخارج، وذلك بالعمل الجاد بين التجمعات وإقامة حلقات توعوية مستمرة في الوعي السياسي وأهميته، ليتمكنوا من نيل كافة حقوقهم السياسية، بالإضافة إلى تأهيل وتدريب الشباب والشابات واستعراض التجارب السياسية للأقليات في دول مختلفة، في تجاوز للمعضلة العنصرية ونيل حقوقهم بطرق السلمية، وذلك لإيجاد توجّه موحد للمهمشين نحو نيل حقوقهم السياسية والمدنية المكفولة في كل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان.

نبذ الفرقة الاجتماعية

من فوائد ارتفاع الوعي السياسي لدى مكونات المجتمع بشكل صحي إزالة كل أنواع الفرقة الاجتماعية والعمل فريقا واحدا نحو إيجاد دولة مدنية حديثة تستوعب كل فئات المجتمع من دون تمييز، خصوصا عندما يتمكن المهمشون من نيل حقوقهم السياسية ومعرفتها ستخف حدة التمييز والفرقة الاجتماعية وتغير وجهه نظر المجتمع الإقليمي والدولي تجاه اليمن ووجود ثمرة الوعي السياسي على أرض الواقع من خلال وصول ممثلين للمهمشين في مجلسي النواب والشورى والمشاركة في السلطات الثلاث التنفيذية والقضائية والمحلية. وللحديث بقية.

 

مقال يعبر عن رأي الكاتب 

 

 

المقالة التالية
مهمشو لحج…. الحياة في مستنقع الأمراض والأوبئة
المقالة السابقة
اليمن بين جحيم الحرب وعودة الأوبئة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Fill out this field
Fill out this field
الرجاء إدخال عنوان بريد إلكتروني صالح.
You need to agree with the terms to proceed

مقالات مشابهة :

الأكثر قراءه

━━━━━━━━━

كتابات

━━━━━━━━━